القائمة الرئيسية

الصفحات

دور الوقف الإسلامي في حل مشكلتي الفقر والبطالة


 

جامعة العلوم الإسلامية العالمية

كلية الشيخ نوح للشريعة والقانون


بحث بعنوان 

دور الوقف الإسلامي في حل مشكلتي الفقر والبطالة


إعداد: أ.معتز منتصر خطيب السرطاوي




ملاحظة هامة : لا مانع من نسخ أي جزء من البحث بشرط ذكر المؤلف وعنوان البحث ضمن المراجع وإلا ستعتبر سرقة علمية , ومن يفعل ذلك يعرض نفسه للمسائلة القانونية





قدم هذا البحث استكمالا لمتتطلبات النجاح في مادة:


المقدمة:

  الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه .

أما بعد:

مشكلة البحث:  فإني أود في هذا البحث أن أجيب عن السؤال المحوري: (ما هو دور الوقف الإسلامي في حل مشكلتي الفقر والبطالة)

أسئلة الدراسة: ويتفرع عن هذا السؤال أسئلة فرعية على النحو التالي:

  1. ما هو مفهوم الوقف الإسلامي وما مدى حجيته؟

  2. ما هي أركان الوقف الإسلامي وشروطه وخصائصه وأنواعه؟

  3. ما هو مفهوم الفقر والبطالة وما هي آثارهما على الأفراد والمجتمعات؟

  4. كيف يسهم الوقف الإسلامي في الحد من ظاهرة الفقر ؟

  5. كيف سيساعد الوقف الإسلامي في معالجة ظاهرة البطالة؟


أهداف البحث: 

  1. شرح المقصود (بالوقف)

  2. بيان مشروعية الوقف

  3. بيان أركان وشروط وخصائص الوقف  .

  4. بيان أنواع الوقف.

  5. بيان أهمية الوقف في تحقيق التكافل الإجتماعي.

  6. بيان مفهوم الفقر والبطالة وما يتعلق بهما .

  7. بيان آثار الفقر والبطالة على المجتمع:

  8. بيان  دور الوقف الإسلامي في حل مشكلة الفقر والبطالة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.

  9. تقديم حلول لطريقة استغلال الوقف في حل مشكلتي الفقر والبطالة.


أهمية البحث:

تنبع أهمية البحث من كون الوقف الإسلامي أحد أقدم صور المؤسسات غير الربحية التي ابتكرها النظام المالي الإسلامي , وفي غياب تأثير هذه المؤسسات في عصرنا الحالي وجب تنبيه المسؤولين والأفراد إلى ضرورة إعادة إحياء تلك المؤسسات لما تقدمه من خدمة مجتمعية يحتاجها الكثير , وتساهم في حل بعض المعضلات الإجتماعية التي يواجهها المجتمع اليوم , بل وتشكل أنموذجا يمكن الاستفادة منه لأصحاب المشاريع الخيرية والمؤسسات غير الربحية .

وهذه الحلول التي نقدمها في نهاية البحث هي ما تشكل زبدة البحث وجوهره إذ أنها تنقله من النظرية إلى التطبيق ومن الخيال إلى الواقع.

فرضيات البحث: يسعى الباحث إلى  الاستفادة من تجربة الوقف الإسلامي كنظام مالي إسلامي أصيل في إيجاد حلول لمشاكل اجتماعية مستعصية كالفقر والبطالة , ويبحث عن  الآليات التي يمكننا من خلالها الإستفادة منه على اكمل وجه , وويدرس امكانية تطبيقه بصورة تتناسب مع الواقع وتلبي احتياجات المجتمع المتغيرة .

منهجية البحث:

اعتمدت في هذا البحث عدة مناهج 

فبالمنهج الوصفي: قمت بتوضيح مفهوم الوقف والفقر والبطالة من بطون كتب اللغة ومن كتب الفقه والمعاجم الحديثة  لبيان المعنيين اللغوي والشرعي  وبالمنهج الاستقرائي: تتبعت أقوال العلماء القدامى والمعاصرين في حجية الوقف  وبينت أقوال الفقهاء في المسائل التي وقع فيها خلاف , وبالمنهج التحليلي تمكنت  تحديد أنواع الوقف و أنواع البطالة بدقة للتفريق بينها  , وبالمنهج الاستنباطي توصلت من خلال التعمق في النصوص الى مشروعية الوقف .

خطة البحث

المبحث الأول: تعريف الوقف لغة واصطلاحا

المبحث الثاني: حجية الوقف 

المبحث الثالث: أركان الوقف وشروط كل ركن  وخصائص الوقف.

المطلب الأول: أركان الوقف وشروطه.

المطلب الثاني: خصائص الوقف.

المبحث الرابع:  أنواع الوقف

المبحث الخامس : أهمية الوقف ودوره  في تحقيق التكافل الاجتماعي.

المبحث السادس: دور الوقف الإسلامي في حل مشكلتي الفقر والبطالة.

المطلب الأول: توضيح مفهوم الفقر والبطالة:

المطلب الثاني آثار الفقر والبطالة على المجتمع:

المطلب الثالث: دور الوقف الإسلامي في حل مشكلة الفقر والبطالة.

الخاتمة والمقترحات

المصادر والمراجع

المبحث الأول: تعريف الوقف لغة واصطلاحا

اتفق اللّغويون وعلماء الشريعة بأن الوقف مصدر يراد به اسم المفعول، بمعنى الشيء الموقوف، والوقف عندهم هو الحبس والمنع.

"قال الليث: الوَقْف: مصدرُ قولك: وقفتُ الدابة ووقَفْتُ الكلمةَ وَقْفاً، وهذا مُجاوِزٌ، فإِذا كان لازماً قلتَ: وقفت وُقُوفاً. وإذا وقّفْتَ الرجلَ على كلمةِ قلتَ وقَّفتُه توقيفاً "، قال:" وقال أبو زيد:.. ومالك تقف دابتك: تحبسها بيدك

"وَفِي الْحَدِيثِ: ذَلِكَ حَبيسٌ فِي سَبِيلِ اللَّه، أَي مَوْقُوفٌ عَلَى الْغُزَاةِ يَرْكَبُونَهُ فِي الْجِهَادِ، والحَبِيسُ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ. وَكُلُّ مَا حُبِسَ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ حَبيسٌ. اللَّيْثُ: الحَبيسُ الْفَرَسُ يُجْعَلُ حَبِيساً فِي سَبِيلِ اللَّه يُغْزى عَلَيْهِ ".

"الحَبْسُ: المَنْعُ،.. وكلُّ شيءٍ وقَفَهُ صاحِبُهُ من نَخْلٍ أو كَرْمٍ أو غيرِها يُحَبَّسُ أصْلُهُ، وتُسَبَّلُ غَلَّتُهُ... قال: وتَحبيسُ الشيءِ: أن يُبَقَّى أصْلُهُ، ويُجْعَلَ ثَمَرُهُ في سَبيلِ اللهِ ".

"الوقف في الأصل مصدر وقفه إذا حبسه وقفاً، ووقف بنفسه وقوفاً يتعدى ولا يتعدى، وقيل للموقوف وقف تسمية بالمصدر.

"الحُبُسُ: كُلُّ شيءٍ وقَفَه صاحِبُه وَقفاً مُحَرَّماً لَا يُباعُ وَلَا يُورَثُ من نَخْلٍ أَو كَرْمٍ أَو غَيرهَا، كأَرْضٍ أَو مُسْتَغَل يُحَبَّسُ أَصلُه وتُسَبَّلُ غَلَّتُه ".

"وَقْف مفرد: ج أوقاف: (فق) حبس أرض أو ممتلكات عقاريّة على مِلك الواقف أو على مِلك الله تعالى والتصدق بالمنفعة ".

"الْوَقْفُ الْحَبْسُ لُغَةً، وَوَقْفُ الضَّيْعَةِ هُوَ حَبْسُهَا عَنْ تَمَلُّكِ الْوَاقِفِ وَغَيْرِ الْوَاقِفِ وَاسْتِغْلَالُهَا لِلصَّرْفِ إلَى مَا سُمِّيَ مِنْ الْمَصَارِفِ وَلِذَا سُمِّيَ حَبِيسًا ".

"وقَفْتُ الدار وَقْفًا حبستها في سبيل الله، وشيء مَوْقُوفٌ و"وَقْفٌ" أيضا تسمية بالمصدر والجمع أوْقَافٌ مثل ثوب وأثواب، ووَقَفْتُ الرجل عن الشيء "وَقْفًا": منعته عنه، و"أوْقَفْتُ" الدار والدابة بالألف لغة تميم، وأنكرها الأصمعي وقال: الكلام "وَقَفْتُ" بغير ألف، و"أوْقَفْتُ" عن الكلام بالألف: أقْلَعْتُ عنه، وكلمني فلان "فَأَوْقَفْتُ" أي أمسكت عن الحجة عيًّا، وحكى بعضهم ما يمسك باليد يقال فيه "أوْقَفْتُهُ" بالألف وما لا يمسك باليد يقال "وقَفْتُهُ" بغير ألف والفصيح وقَفْتُ بغير ألف في جميع الباب إلا في قولك "ما أوْقَفَكَ" ههنا وأنت تريد أي شأن حملك على الوقوف" .

ومن هنا تظهر العلاقة بين المعنى اللغوي والشرعي للوقف، فإنهما يجتمعان في حبس أصل الشيء الموقوف، ومنع ملكيته وإرثه وبيعه وهبته وغير ذلك كما سيأتي.

تعريف الوقف في الشرع وبيان التوافق الفقهي فيه:

ذكرنا بأنّ فقه الوقف من أكثرِ النماذج الفقهية دلالةً على التوافق وقلة النزاعات الفقهية بين شتى المذاهب الإسلامية المختلفة، بل إن عامة ما يبدو فيه من خلافٍ، فإنما هو خلاف لفظي لا حقيقي كما سيتبين.

فقد عُرِف الوقف في الصدر الأول من الإسلام باسم الصدقة تجوّزا، وباسم الحبس أيضا، والأصل المُبيِّن له عند العلماءِ ما قاله النبي عليه الصلاة والسلامُ لعمرَ لما أصاب أرضا بخيبر: "إِنْ شِئْتَ حَبَّسْتَ أَصْلَهَا وَتَصَدَّقْتَ بِهَا غير أَنَّهُ لَا يُبَاعُ أَصْلُهَا وَلَا يُوهَبُ وَلَا يُورَثُ "، فتصدق بها عمر فِي الْفُقَرَاءِ وَالْقُرْبَى وَالرِّقَابِ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالضَّيْفِ وَابْنِ السَّبِيلِ لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهَا أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا بِالْمَعْرُوفِ أَوْ يُطْعِمَ صَدِيقًا غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ فِيهِ ".

ولذلك اعتُبر هذا الحديثُ أصلا عظيما ومنطلقا متينا، للعلماء من شتى المذاهب في تعريفهم للوقف، فإنهم وإن اختلفوا في بعض جزئياته، فكلهم متفقون على أنه: "حبس الأصل وتسبيل المنفعة"، كما سيتبين من خلال هذا العرض:

أولا: مذهب الحنفية: للحنفية تعريفان للوقف: " 

اختلف  الحنفية فيما بينهم حول تعريف الوقف على مذهبيْن:

فحاصل التعريف الأول أن الوقف هو: "حبس العين على حكم ملك الواقف".

قال الملا: "حبس العين على ملك الواقف والتصدق بالمنافع "بمنزلة العارية" .

وأما الثاني: فهو حبس العين عن التمليكِ، والتصدق بالمنفعة في سبل البر"، وهذا كتعريف الجمهور.

"وفي الشرع هو حبس العين على حكم ملك الواقف، أو عن التمليكِ والتصدقُ بالمنفعة على اختلاف الرأيين وسنبينه"، ثم قال: "وهو جائز عند علمائنا أبى حنيفة وأصحابه رحمهم الله"، ثم ذكر بأن ما نُسب إلى أبي حنيفة من منع فهو محمول على منع اللزوم به، لا على منع أصله، فقال: "والصحيح أنه جائز عند الكل وإنما الخلاف بينهم في اللزوم وعدمه".

ويترتب على التعريف الأولِ ان يكون العقدُ غير لازم ويصح الرجوع عنه مع الكراهة، ويُورث عنه، ولا يكون لازما إلا بقيدين: إذا أوصى بأن يكون ملكه وقفا بعد مماته – مآلا -، أو حكم القاضي ببينة على ذلك كما قال الطرابلسي .

وأما على التعريف الثاني: فيلزم الوقف مباشرة في الحال بدون القيدين، قال الطرابلسي: "وهو قول عامة العلماء وهو الصحيح لأن النبيّ صلى الله عليه وسلم تصدق بسبع حوائط في المدينة، وإبراهيم الخليل عليه السلام وقف أوقافاً وهي باقية إلى يومنا هذا، وقد وقف الخلفاء الراشدون وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم".


ثانيا: مذهب المالكية: "الفقهاء بعضهم يعبر بالحبس وبعضهم يعبر بالوقف، والوقفُ عندهم أقوى في التحبيس"، ثم نقل عن ابن عرفة أنه حدّه بقوله: "إعطاء منفعةِ شيءٍ مدةَ وجوده، لازما بقاؤه في ملك معطيه ولو تقديرا".

ومن خلال هذا التعريف يتضح بأن المالكية لا يخرجون العين الموقوفة عن ملك الواقف كلية بل تبقى على ملكه ولو تقديرا، فهل يعني هذا أنّهم قد اختلفوا مع الجمهور؟

والجواب: لا، لأن الخلاف لفظي بدليل قولهم "ولو تقديرا"، كما أنهم يمنعون من التصرف في الوقف بعوض أو بدون عوض، ويُلزمون الواقف بالتصدق بمنفعة وقفه ولا يجيزون له الرجوع فيه.

ولذلك عرفه النفراوي بأنه "ما أعطيت منفعته على غير وجه العارية ولا العمرى بل على وجه الوقفية".

ثالثا: مذهب الشافعية: "وشرعا حبس مال يمكن الانتفاع به مع بقاء عينه بقطع التصرف في رقبته على مصرف مباح"، وكذلك نقل نفس هذا التعريفِ ابنُ حجر الهيتمي في تحفة المنهاج، والخطيب في مغني المحتاج، والبيجرمي في حاشيته، وغيرهم من فقهاء الشافعية في باب الوقف.


رابعا: مذهب الحنابلة:

ذكر الحنابلة ومنهم الحجاوي حدَّ الحنابلة للوقف وأنهم قالوا فيه: "هو تحبيسُ مالكٍ مطلق التصرف، مالَه المنتفع به مع بقاء عينه بقطع تصرف الواقفة وغيره في رقبته يصرف ريعه إلى جهة بر تقربا إلى الله تعالى"، وكذلك ذكره البهوتي في شرحه، والمرداوي في الإنصاف، وذكر فيه حدا آخر لهم فقال: "هُوَ تَحْبِيسُ الْأَصْلِ وَتَسْبِيلُ الْمَنْفَعَةِ"، وكذلك قاله ابن قدامة ، وقد نقله المرداوي  

هذا وقد عرّفه أبو زهرة من المعاصرين  بقوله: "هو منع التصرف في رقبة العين التي يمكن الانتفاع بها مع بقاء عينها وجعل المنفعة لجهة من جهات الخير ابتداء وانتهاء".

المبحث الثاني: حجية الوقف: 

إنّ مما يقرب العبد إلى ربه -تبارك وتعالى- بذل المعروف والخير والإحسان للناس، يقول - سبحانه -: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}

 قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله: «يأمر - تعالى - عباده بالنفقة في سبيله، وهو إخراج الأموال في الطّرق الموصلة إلى الله، وهي كلُ طرق الخير، من صدقة على مسكين، أو قريب، أو إنفاق على من تجب مؤنته، ولما كانت النفقة في سبيل الله نوعا من أنواع الإحسان، أمر بالإحسان عموما فقال: {وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}، وهذا يشمل جميع أنواع الإحسان؛ لأنه لم يقيده بشيء دون شيء، فيدخل فيه الإحسان بالمال كما تقدم»..

 وإنّ من أعظم صور الإحسان إلى الخلق الوقف في سبيل الله - تعالى - وهو عمل صالح وقربة حسنة يستمرّ أجرها ويدوم نفعها ـ بإذن الله ـ.. ولقد جاءت شريعة الإسلام بالحث على الوقف وهو حبس المال في سبيل الله وتسبيل منفعته ليستفيد منه المسلمون، وجميع الآيات الدّالة على فضل الصّدقة والحثّ عليها هي دالّة من باب اللّزوم على فضل الوقف فهو من أرجى الصدقات وأعظمها نفعاومن الآيات قوله - تعالى -: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} ، وقوله: {وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} ، وقوله: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} .

 كما جاءت أحاديث نبوية عديدة تحثّ على هذا الباب من الخير وتأمر به وترغّب فيه، ومنها حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له»ومن العلماء من فسّر الصدقة الجارية بالوقف على التخصيص منهم النووي رحمه الله؛ لأن الصدقة الجارية مما لا ينقطع أجرها، ولا يمكن جريان الصدقة إلا بحبسها، والحبس مندوب إليه، وعقب الإمام النووي رحمه الله في شرح هذا الحديث فقال:(وفيه دليل لصحة أصل الوقف وعظيم ثوابه).

 وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «سبع يجري للعبد أجرهنّ وهو في قبره بعد موته:من عَلّم علماً، أو أجرى نهراً، أو حفر بئراً، أو غرس نخلاً، أو بنى مسجداً، أو ورّث مصحفاً، أو ترك ولداً يستغفر له بعد موته»

وهاهم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم يتسابقون إلى هذا الخير، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن عمر بن الخطاب أصاب أرضا بخيبر، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم يستأمره فيها، فقال: يا رسول الله، إني أصبت أرضا بخيبر لم أصب مالا قط أنفس عندي منه، فما تأمر به؟ قال: «إن شئت حبّست أصلها، وتصدّقت بها» قال: فتصدق بها عمر، أنه لا يباع ولا يوهب ولا يورث، وتصدق بها في الفقراء، وفي القربى وفي الرقاب، وفي سبيل الله، وابن السبيل، والضيف لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف، ويطعم غير متمول.

وقال الترمذي في سننه  بعد أن خرج حديث عمر في الوقف: "والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم لا نعلم بين المتقدمين منهم في ذلك اختلافاً في إجازة وقف الأرضين وغير ذلك".

وكذلك ذكر الخصاف بأنه فعل الصحابة رضي الله عنهم جميعا، ثم خرج تلك الآثار عنهم ثم قال: وفعل أصحاب رسول الله في ذلك، وما وقفوه من عقاراتهم وأموالهم، إجماعٌ منهم على أن الوقوف جائزة ماضية، ومما يؤيد ذلك ويصححه بناء المساجد فإن الناس جميعاً أجمعوا عليها.. قال: وكذلك بناء الخانات للسبيل وكذلك عمارة السقايات للمسلمين وكذلك بناء الدور في الثغور للسبيل نتزلها الغزاة، وكذلك بناء الدور بمكة ينزلها الحاج، وكذلك رجل جعل داره أو بعضها طريقا للمسلمين.."، ثم خرج من حديث جابر رضي الله عنه قال:" لم يكن أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ذو مقـدرة إلا وقـف"، وهـذا إجماع صريح عنهم في مشروعية الوقف.

و قال الإمام ابن حزم : "وحبس الصحابة بعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد خيبر وبعد نزول المواريث في سورة النساء، وهذا أمر متواتر جيلا بعد جيل"، وفي شرح خليل وغيره: "وفي المقدمات التحبيس سنة قائمة عمل بها رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون من بعده".

والوقف في سبيل الله تغلب على شهوة حبّ المال، وانتصار على النفس في إلزامها ببذل المال لله - تعالى- وابتغاء الأجر منه، فهو تزكية للنفس ورفعة لها قال -سبحانه-: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} ، وإن تزكية النفوس من أعظم ما دعا إليه الإسلام بعد التحذير من الشرك، لذا فقد أقسم الله – سبحانه وتعالى - في كتابه في سورة الشمس بأحد عشر قسما على أمر واحد وهو تزكية النفس، قال - سبحانه -: {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا * وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا * وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا * وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا * وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا * وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا * وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} .



المبحث الثالث: أركان الوقف وشروط كل ركن  وخصائص الوقف.

المطلب الأول: أركان الوقف وشروطه: 

فأما أركان الوقف فهي أربعة أو خمسة باتفاق أهل العلم، ولكل ركنٍ عدةُ شروطٍ يكاد أهل العلم أن يتوافقوا عليها:

الركن الأول: هو الواقف المتصدّق: وهو الشخص المكلف العاقل الرشيد البالغ الحر المختار.

والركن الثاني: هو الشيء الموقوف المُتصدَّق به، وشرطه أن يكون عيْنا مباحةً حاضرةً معلومة باقية دائمة لا تزول مع الاستعمال، ولا تستوعب جميع المال بل لا تزيد عن الثلث، وتصح مشاعةً من جماعة، ولا تُتملك لأحد بعد الوقف، وذلك كالعقار والمركوب والحيوان والأثاث والسلاح والموارد المائية كما سيأتي.

ومن ههنا لم يشترط جمهور السلف والخلف القبضَ في العين الموقوفة، لأنه لا يمكن فيها القبض، ولا تُتملك لأحد حتى يقبضها، أما إذا وَقفَ بَعْضَ ماله فهو وَقْفُ المشاع، فإِنه يجوزُ عند أبي يوسف والشافعي ومالك، لأن القبض ليس بِشَرْط عندهم، وعند محمد لا يجوزُ وَقْفُ المُشَاع فيما يَقْبَل القِسْمة، لأن القبض شَرْطٌ عنده"، ذكر ذلك عند شرح تبويب البخاري في صحيحه "بابٌ إذَا تَصَدَّقَ أوْ وقَفَ بَعْضَ مالِهِ أوْ بَعْضَ رَقِيقِه أوْ دَوَابِّهِ فَهْوَ جائز، 

الركن الثالث: هو الجهة أو الأجناس الموقوف عليهم: وهم جهة من جهات البر، أو أجناس عامة، لا أفراد بخصوصهم، وإلا كانت صدقة، وإنما أطلق العلماء لفظ " الموقوف عليهم " ولم يقولوا " الموقوف لهم "، حتى لا يُظن بتملّك الوقف من طرف الموقوف عليه، لأنه ملك لله تعالى لا يملكه أحد.

والركن الرابع: هو الصيغة المصرحة بالمراد، حتى يُفرّقَ بها بين الصدقة والوصية والرقبى والعارية وغيرها من التكافلات المالية، وقد تقدم بأن مجرد النطق بالوقف أو الحبس مع النية، يجعل الوقف لازما حالا مباشرة، كما هو قول الجمهور.

وهناك ركن خامس ربما أُغفل، وهو مهمّ من أجل المحافظة على الوقف واستمرارية استثماره لأمد كبير، وهو: الناظر في الوقف والقيّم عليه: ويشترط فيه الصدق والأمانة والخبرة مع القدرة على رعاية الوقف ومصالحه، وقد وردت الإشارة إلى هذا الركن وغيره في حديث عمر: " لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف ويطعم صديقا غير متمول فيه، وقال:" يليها ذو الرأي من آل عمر".

"وقد بين ذلك عمر بن شبة عن أبي غسان قال: هذه نسخة صدقة عمر أخذتها من كتابه الذي عند آل عمر فنسختها حرفا حرفا:" هذا ما كتب عبد الله عمر أمير المؤمنين في ثمغ أنه إلى حفصة ما عاشت تنفق ثمره حيث أراها الله، فإن توفيت فإلى ذوي الرأي من أهلها ".

المطلب الثاني: خصائص الوقف:

يتميّز الوقف عن غيره من الصدقات وأنواع التكافلات بعدة خصائص ومميزات متفق عليها بين العلماء:

الخاصية الأولى: البقاء والاستمرارية: فقد تقدم أن الوقفَ باقي العين، ولا يعني هذا أنه لا يفنى أبدا، لكنه يبقى لأمد بعيد قضاه الله تعالى، ولا يزول بمجرد استغلاله، وينبثق عن هذه الخاصية أمران:

• استمرارية الانتفاع بالوقف في أوجه الخير والبر، طيلة أزمنة عديدة ودهور مديدة كما ذكرنا، وبالتالي المساهمة به في تحقيق التطور الاقتصادي وتوثيق الرابط التاريخي والاجتماعي من تكافل واعتصام ومحبة والتئام.

• استمرارية الأجر والثواب: عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة إلا من صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له".

الخاصية الثانية: لا يُتملك لأحد: وهذا يعني أن الوقف تستغلّ منفعته، ولا تُتَملّك عينه، لأنه محبوس في سبيل الله تعالى لا يتملكه أحد، بل يُصرف في أوجه البر وأنواع الخير , كما سيأتي من حديث عمر لما أصاب أرضا بخيبر فقال له النبي عليه الصلاة والسلام:" حبس أصلها وسبل ثمرتها".

الخاصية الثالثة: العموم: ويُقصد به أمران:

أولاهما عموم انتفاع أفراد المجتمع بمنفعة الوقف من جهة، إذ لا يستفيد منه شخص معين فقط، كما في سائر التكافلات الأخرى.

والثاني: عموم الانتفاع به في سائر جهات الخير وأنواع البر ومختلف المشاريع من جهة أخرى


المبحث الرابع:  أنواع الوقف

 يتفرّع الوقف إلى عدّة أنواع بالنظر إلى عدة اعتباراتٍ، وبيان ذلك فيما يأتي: بالنظر إلى الحكم التكليفي الشرعي: الوجوب؛ كأن ينذر فلان أن يجعل البيت وقفاً لله تعالى. الاستحباب؛ وهو الأصل في الوقف. الإباحة؛ كمن يُوقف كلّ ماله دون وجود أي مانعٍ، أو كمن أوصى بوقف كلّ ما يملك من المال ولا يوجد له وارث. الكراهة؛ كمن يوصي بوقف كلّ ما يملك من المال والوارثين محتاجين للمال. التحريم؛ كأن يُوقف المال بقصد الرياء والسُمعة، أو يوقفه الوالد لبعض الأولاد دون الآخرين، أو كمن كان وقفه متضمناً لمحظورٍ شرعيٍ. 

بالنظر إلى الحكم الوضعي الشرعي: الصحيح؛ وهو الوقف الذي توافرت وتحقّقت فيه جميع شروط الصحة. الباطل؛ وهو الوقف الذي اختلّ فيه شرطاً من شروط الصحة. بالنظر إلى نوع الجهة الموقوف عليها: الوقف على جهةٍ عامةٍ دون حصره على أحدٍ؛ كالوقف على الفقراء والمساجد. الوقف على جهةٍ خاصةٍ وحصره بها؛ كالوقف على فلان. 

بالنظر إلى الاشتراك وعدمه: وقفٌ مشتركٌ؛ وهو الوقف الذي يشترك في إقامته أكثر من شخصٍ. وقفٌ خاصٌ يختص فيه واحدٌ.

 بالنظر إلى بُعد أو قُرب الجهة التي وُقف عليها: وقفٌ ذريٌّ؛ وهو الوقف الذي ينحصر نفعه على ذرية الواقف فقط. وقفٌ خيريٌ؛ وهو الوقف على جهات البرّ والخير؛ كالوقف على المساجد والعلماء، وقد يكون الوقف ذرياً وخيرياً؛ كأن يكون نصف الوقف للأهل والنصف الآخر لغيرهم.

 بالنظر إلى حال الواقف: الوقف في حال الصحة؛ وهو الأصل في الوقف. الوقف في حال المرض. بالنظر إلى محلّ الوقف: وقف العقار. وقف المنقول. وقف المنافع. وقف الأموال النقدية. وقف الحقوق المعنوية. 

بالنظر إلى دوام الوقف وعدمه: وقفٌ مؤبدٌ لا يحدّد بأي زمنٍ، وتجدر الإشارة إلى أنّ الواقف لا يحقّ له الرجوع عنه. وقفٌ مؤقتٌ بزمنٍ محددٍ. 

بالنظر إلى مشروعية الوقف: وقفٌ صحيحٌ؛ وهو الوقف الذي اكتملت أركانه وشروطه ولم يختل أيٍ منها، ولم يتضمن أي أمرٍ يُبطله. وقفٌ غير صحيحٍ؛ وهو الذي تضمّن ما يبطله؛ كالوقف على أمرٍ محرّمٍ. 

بالنظر إلى انقطاع الوقف واتصاله: متصل الابتداء والانتهاء؛ كالوقف على طلاب العلم. منقطع الابتداء والانتهاء؛ كالذي يقف على ذريته وهي منعدمةٌ. متصل الابتداء منقطع الانتهاء؛ كمن يقف على شخصٍ بعينه ثمّ ينقطع الوقف بموته. منقطع الابتداء متصل الانتهاء، كمن يقف على ولده ولا ولد له، ثمّ يجعل الوقف على الفقراء. 

بالنظر إلى الجهة الموقوفة: أوقاف القطاع الخاص. أوقاف القطاع العام؛ كمن يقف أرضاً لمصالح المسلمين. 

بالنظر إلى المضمون الاقتصادي للوقف: الوقف المباشر، ويسمّى أيضاً وقف استعمالٍ، والقصد منه يتمثّل بالانتفاع من ذاته. الوقف الاستثماري، ويسمّى وقف استغلالٍ، ويُقصد منه الانتفاع من أرباحه. 

بالنظر إلى إدارة الوقف: وقفٌ مضبوطٌ يتبع إدارة مخصصة لذلك. وقفٌ ملحقٌ؛ وهو التابع لقائمٍ به بإشراف إدارةٍ مخصصةٍ. 


المبحث الخامس : أهمية الوقف ودوره  في تحقيق التكافل الاجتماعي.

الوقف نموذج أصيل في المجتمع: فالمؤسسات الوقفية لها جذور في مجتمعاتنا، وتعيش في وجدان الشعوب، وليست مفروضة أو منقولة، فهي تتمتع بمنظومة فقهية وتاريخ طويل وله جذور في هذا البناء الإسلامي الممتد منذ بعثة الرسول ،وهو ينطلق من فعل أو مبادرة ورغبة من الإنسان المسلم، وليس ردة فعل أو طفرة أو رد على سياسة وظرف ما، كما حدث في الغرب، حيث كانت المؤسسات الخيرية "رد فعل لظروف اجتماعية وسياسية، فقد كانت البداية في القرن التاسع عشر ومستهل القرن العشرين كانت آثار الثورة الصناعية وما نجم عنها من تكديس للثروات بين أيدي أفراد قلائل وتذمر الطبقات العاملة مما تعاني من شظف العيش، مع أنها كانت القوة الفاعلة من وراء تلك الثروات، من أهم العوامل على أقدام أصحاب الشركات الكبرى على وقف ملايين الدولارات .
إلاّ أن الوقف نظام أصيل في المجتمع المسلم، فهو نظام ينبع من فكرة إيمانية دينية هي فكرة الصدقة الجارية، في حين نجد أن المنبع الأساسي للعمل التطوعي وأنظمته المعاصرة هو عبارة عن فكرة مادية دنيوية تستهدف المصلحة أو المنفعة الخاصة والعامة.

دور الوقف في تنمية الأخلاق وشيوع الرحمة:  فقد كان لانتشار الأوقاف الخيرية والمنافع العامة دور في غرس أخلاق الاعتدال والرحمة والمحبة في المجتمع. وأن تخفف هذه المشاعر من الأمراض النفسية المتمثلة في الأنانية والبخل والشح بالنسبة للواقفين، والكراهية والحسد بالنسبة للمستضعفين، وإن دور الوقف في الحض على الانفاق ومساعدة الناس والمحتاجين وتفريج مشاكل الناس والإنفاق في المصالح العامة، لا بد وأن يحدث تأثيراً واضحاً في النفس الإنسانية، يمكن إبراز ذلك من خلال:

أ- تنمية الأخلاق: فتنمو مع عملية الإنفاق أخلاق البذل والتضحية دون انتظار العائد المادي والمقابل الدنيوي، وفي ظل هذه الأخلاق يقوى المجتمع ويتماسك، ويبرز دور الوقف في تنمية خلق المسلم وشخصيته، فيستبدل دوافع الأثرة والأنانية والتمسك بالمال بالقيم الإسلامية الصحيحة، فتقوى شخصيته ويكون معداً لمواجهة أحداث ومتطلبات الواقع بفهم صحيح وبإدراك أن المال هو مجرد أداة ووسيلة لجلب السعادة للفرد واالمجتمع، وبمداومة الإنفاق في سبيل االله والإنفاق على الأوقاف تنتشر الأخلاق الإسلامية في المجتتمع. وقد ساعد الوقف على استمرار كثير من القيم الإسلامية في الواقع العملي وهو ما يؤدي إلى تعميق الخلق العظيم في العلاقات الاجتماعية الداخلية وفي إيجاد المجتمع المسلم الذي تسوده عواطف كريمة ومشاعر نبيلة كلها تفيض بالرفق وتتدفق بالبر والخير. 

ب- شيوع الرحمة: فقد بينت حجج الوقف وشروط الواقفين حقيقة التكافل في المجتمع المسلم، وتقف على أصالة عواطف الخير ومشاعر الرحمة والبر وشيوع المعاني الإنسانية الكريمة في أعماق هذه الأمة، هذا فضلاً عن أن التجارب أثبتت أن إنفاق المال في مساعدة الناس يجلب للمنفق السعادة النفسية والرضا الذاتي والإحساس بالراحة والتكامل الروحي، وهو في الوقت نفسه يجلب السعادة والرضا للمنتفعين بمنافع الوقف في إشباع حاجاتهم وحل مشكلاتهم".

إسهام الوقف في العدالة الاجتماعية:

إن مشاركة المسلمين في إيجاد الأوقاف من خلال ما تجود به أموالهم وعطاءاتهم، فضلاً عن

مشاركة المسؤولين وأصحاب المراكز العالية والتجار في بناء أوقاف تذكر أسماءهم وتسهم في

تطوير مناطقهم، وبذلك فقد أثبتت التجربة الإسلامية أن المؤسسات التي أقامها هؤلاء وبمجرد

إقامة المؤسسة والوقف عليها لم تعد هذه المؤسسة ملكاً للدولة أو الأمراء أو السلاطين، إنما

أصبحت ملكاً للأمة، وإذا كانت هناك بعض مظاهر المظالم الاجتماعية في التاريخ الإسلامي إلاّ أن الوقف كان من المؤسسات التي جعلت نسبة العدل في االمجتمع الإسلامي أعلى منها في المجتمعات الأخرى، إن التكامل ودور العدالة التي ساهم فيها الوقف ميزت المجتمع الإسلامي عن غيره من المجتمعات الأخرى في ظل المظالم التي كانت تسود الدنيا فالأوقاف تسهم في تخفيض مشكلة الفوارق بين الطبقات، فهي تقوم بتوزيع الموارد على طبقات اجتماعية معينة، فتعينهم على حاجاتهم وتحويلهم إلى طاقات إنتاجية، فالفقراء والمساكين من خلال رعايتهم وتأمين الكثير من متطلباتهم من خلال الوقفيات المختلفة ترتفع مستويات معيشتهم تدريجياً، وتتقارب الفجوة بين الطبقات، وخاصة عندما يشبع الوقف حاجات عاجزين أو غير قادرين على العمل. فمن أهداف التنمية في الإسلام أن تكون زيادة الإنتاج مقترنة بعدالة التوزيع، وأن تتقارب مستويات المعيشة بين الناس، فالأوقاف من خلال نقل وحدات من الثروة أو الدخل من الأغنياء إلى الفقراء ومعدومي الدخل، تحقق شيئاً من التوازن في توزيع الدخل والثروة وتذويب الفروق بين الفئات والطبقات الاجتماعية. ونجاح الوقف الخيري في ذلك من شأنه أن يخلق جواً من الأمن والطمأنينة يسود المجتمع ويزيل ما يكون قد ترتب في النفوس من حقد أو حسد بين طبقاته.

وكذلك يسهم الوقف في إعادة توزيع الثروة، فعملية التوزيع الأولى للدخل القومي تؤدي

إلى حصول كل عنصر من عناصر الإنتاج: الموارد الطبيعية، رأس المال، التنظيم، على نصيبه من مشاركته في العملية الإنتاجية، ويحدث غالباً أن ينتج عن عملية التوزيع الأول للدخل القومي

تفاوت بين الأفراد في الدخول والمدخرات وبالتالي في تراكم الثروات. وهو الأمر الذي يؤدي إلى ظهور النظام الطبقي في المجتمعات وبمرور الزمن وتوالي عمليات التوزيع الأول للدخل القومي يتزايد التفاوت بين طبقات المجتمع، فتأتي عملية إعادة التوزيع من خلال سياسات مالية واجتماعية، قد تكون إلزامية: الزكاة ونفقات الأقارب والمواريث والكفاءات والنذور، أو يلتزمات الفرد ديانة أو طوعية أي اختيارية: الوقف بنوعية: الخيري والذري والهبات والهدايا والصدقات. وبذلك يكون الوقف من القادرين وأصحاب الثروات على جهات النفع العام والفقراء والمساكين، لينهض بعملية إعادة التوزيع".

الرعاية الاجتماعية للوقف مقدمة لتحقيق التنمية:

الوقف بما يقدمه لدفع الضرر عن الضعفاء ورعاية الأيتام والمعاقين والمسنين، وإنشاء الملاجئ

والمستشفيات والمدارس، وكفالة من يعجز بصفة مؤقتة أو عارضة ومن توفير هذه الكفاية له ولمن يعول يقلل من أثر هذه الظروف الاستثنائية، ويحد من سلبياتها على مستوى النشاط الاقتصادي"فيرفع الإحساس بافتقاد نعمتي الأمن والكفاية مما يسهم في التخفيف من الآثار السيئة لهذه الظروف على الأداء الإنتاجي للأفراد وإقبالهم على إنجاز الأعمال وتأديتها على الوجه الأكمل وكذلك يؤدي الوقف إلى تحسين الكفاءة في تقديم الخدمة، وذلك أن الهيئات والجمعيات

الوقفية تتوفر على الأغلب في أفرادها عناصر الحرص على أهداف المؤسسة وتقديم التضحيات فضلاً عن تمتعهم بمزايا الرغبة في خدمة المؤسسة التي جاؤوا إليها بدوافع ذاتية. ومن الأمور الذي يقدمها الوقف تقليل التكاليف، وذلك بتحسين وصول السلعة إلى أكثر الناس حاجة إليها، لأنه يغلب أن تكون المؤسسات الوقفية محلية، مما يجعل حصولها على المعلومات الدقيقة أكثر سهولة وأقل كلفة، فالمؤسسات الوقفية تتيح للمجتمع تلبية إحيتاجاته الفرعية والتفصيلية الأكثر التصاقاً به.

الوقف يخفف من الأعباء الاجتماعية للدولة: إن الأنشطة التي تعالجها الدولة أصبحت متعددة بحيث ترهق كاهلها، وخاصة من الناحية الاجتماعية. فالدولة في هذا العصر أصبحت تحتاج إلى أموال طائلة للرعاية الاجتماعية، وبالتالي أصبح دخلها في أكثر الأحيان لا يفي  بهذا الغرض. وفي المقابل أصبح من المتعذر فرض ضرائب جديدة لما لها من أضرار، وكذلك تقلّص القروض والمعونات الخارجية التي أصبحت تهدد سيادة الدول. في ظل هذه الضغوط الاقتصادية والاجتماعية فلا مناص من العودة إلى المجتمع، وإلى القادرين فيه لتقديم المزيد من العطاءات التطوعية إن قيام الوقف بتوفير الموارد لتمويل خدمات الرعاية الاجتماعية، يؤدي إلى التخفيف من عجز الميزانية العامة للحكومة، وبالتالي التخفيف من احتياجاتها المالية، وما يعود به ذلك من توفير إيرادات الحكومة لأغراض أخرى وما يؤدي به ذلك من تخفيض الأعباء على المواطن، من خلال تخفيض الضرائب والرسوم".


إن المتأمِّل في طبيعة الأوقاف - استِلهامًا من دلالتها التشريعيَّة ونَماذجها التطبيقيَّة - يجد أنه إفراز طبيعيٌّ وذاتي لِمَسؤولية المُسلم تجاه مجتمعه وأمَّتِه، ورسالة المسلم في الحياة كإنسانٍ متعايِش ومتضامِن مع بني دينه ووطنه وإنسانيته، وبِمعنًى آخر: فإنَّ المسلم الحقَّ هو الذي يَحيا بأهله وذَوِيه وإخوانه في الدِّين والوطن، يستشعر آلامَهم، وآمالَهم، ويُشارِكُهم في أتراحهم وأفراحهم، ويَحمل همومَهم بين جنبيه، على النَّحو الذي يؤصِّله العديد من النُّصوص:

في قوله - تعالى -: ﴿ وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ﴾ وقوله - تعالى -: ﴿ وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ﴾ وقوله - جلَّ شأنه -: ﴿ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ﴾ وقول الرسول - صلَّى الله عليه وسلم -: (من لم يهتمَّ بأمر المسلمين فليس منهم( 

وحديث عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - صاحب أوَّل وَقْف في الإسلام - فقد أصاب عمر أرضًا بِخَيبر، فأتى النبِيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - يستأمره فيها، فقال: يا رسول الله، إنِّي أصبتُ أرضًا بخيبر، لَم أُصِب مالاً قطُّ أنفس عندي منها، فما تأمرُني به؟ فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: ((إن شِئتَ حبستَ أصلَها، وتصدَّقتَ بثمرتِها)) فجعَلها عمر صدقةً، لا تُباع، ولا توهب، ولا تُورث، وتصدَّق بها على الفقراء والمساكين وابن السبيل، وفي الرِّقاب والغُزَاة في سبيل الله والضَّيف، لا جناح على مَن وَلِيَها أن يأكل منها بالمعروف، وأن يطعم صديقًا غير متموَّل منه؛.

 إنَّ دلالة هذه المشاركة الفرديَّة في شؤون الجماعة، وانفعال الفرد بقضايا مُجتمعه، والإسهام في تبيينها، هو مَلمح مميَّز من ملامح دَور المُسلِم في الهيكل الاجتماعيِّ، فلا يجوز له أن يَنعزل عن مجتمعه، أو يقف موقفًا سلبيًّا من أفراد أمَّتِه، أو يرفع عقيرته بـ"الأنا" البغيضة التي رسَّخَتْها مفاهيم النُّظم العلمانيَّة المعاصرة، التي تعيش لِنَفسها، وتتحصَّن بأيديولوجيَّتها، وتنفي الغير، وتهمِّش قِيَم العطاء، وتفرض نَمُوذجها الفكريَّ والاجتماعي، والاقتصادي والثقافيَّ والسياسيَّ في الحياة، تحت شعاراتٍ العولَمة والحداثة، وهذا المَنْحى للوقف، الذي يشعُّ على أوجه الحياة كلِّها، يبوِّئه المكانة السَّامقة في منظومة العطاء الإسلاميَّة، التي تعتمد على صريح الخِطاب الإسلامي، وعلى عُمق الالتزام الدِّيني، مع تشريعات الزَّكاة والصدقات والوصايا والهِبات، والكفالات، وهي كلُّها تتضافر سويًّا نحو مقصد مدِّ مظلَّة التضامن الاجتماعيِّ لكلِّ أفراد المجتمع الإسلامي.



المبحث السادس: دور الوقف الإسلامي في حل مشكلة الفقر والبطالة.

المطلب الأول: توضيح مفهوم الفقر والبطالة:

أولا مفهوم الفقر:

الفَقْرُ لُغَةً: يدور مفهوم الفقر في اللُّغة حول الحاجة، والعوز، فالفقير هو المحتاج. وهو ضدَّ الغِنَى، والفقير: مكسور فقار الظَّهر، وهو مشتقٌّ من انفقار الظَّهر، أي انكسار فقاره، فكأنَّ الفقير مكسور الظَّهر من شدَّة حاجته، والفقير الَّذي له ما يأكل، والمسكين مَنْ لَا شيء له.

واصطلاحا: ذهب الإمام أبو حنيفة إلى أنَّ الفقر هو عدم ملك نصاب الزَّكاة والإمام أحمد، والثَّوري، وابن المبارك قالوا: بأنَّ حدَّ الفقر شرعًا ألَّا يكون للـشَّخص خمـسون درهما، أو قيمتها من الذَّهب، وحد الغنى أن يكون للمرء خمسون درهمًا، أو قيمتها مـن الـذَّهب وذهب الحسن البصريُّ إلى أنَّ حدَّ الفقر شرعًا ألَّا يملك الإنسان الأربعين درهما, ذهب مالك، والشَّافعي -رحمها الله- إلى أنَّ حدَّ الفقر شرعًا هو ألَّا يملك الإنسان ما يكفيه من المال، وحدَّ الغني عكس ذلك، لكن أصحاب هذا الرَّأي قد اختلفـوا فـي تحديـد، وبيـان الضَّابط لما يكفي الإنسان من المال, ولكل رأي من الآراء السابقة في تعريف الفقر أدلته , ولا داعي لدينا في هذا البحث التطرق لهذا الخلاف لأنها لا يضيف لنا إضافة جوهرية في البحث .

وحديثا جاء في تقرير التنمية في العالم 1990م: "يعرّف التقرير الفقر بأنه عدم القدرة على تحقيق الحد الأدنى من مستوى المعيشة". كما يُعرف الفقر الآن بأنه "عدم القدرة على الحصول على الخدمات الأساسية.

 

وكما أن للفقر مفهوماً نسبياً، فإن له مفهوماً مطلقاً، ولكل مفهوم معنى مستقل. إذ الفقر المطلق هو "حالة من الحياة محددة بالجهل وسوء التغذية والمرض وارتفاع مستوى وفيات الأطفال وانخفاض فترة الحياة إلى حد أقل من أي تعريف رشيد لحد الكفاف، فسوء التغذية يسحب طاقاتهم ويهاجم أجسامهم ويقصر من حياتهم، والجهل يغلق عقولهم ويقفل مستقبلهم، والأمراض تهاجم أطفالهم، والقذارة والتلوث تحيط بيئتهم، فكل مباهج الحياة المتاحة تصبح مستحيلة بالنسبة لهم، إذ ليس في مقدورهم سوى مجرد مجهودات للبقاء على قيد الحياة..

 ولأن مفهوم الفقر المطلق ثابت، فإن تعريف حد الفقر يتم من خلال تحديد أقل كميات للاستهلاك الفردي الذي يشبع الحاجات الإنسانية الضرورية، مثل كمية السعرات الحرارية وكمية المواد الغذائية التي يجب أن يحصل عليها الفرد

 

أما الفقر النسبي "فهو تمكن الفرد من إشباع حاجاته أي تحقيق حد الكفاية، ولكن الشيء الأقل يعد فقيراً بالنسبة للأكثر، وهذا يعكس التفاوت في الدخول".. ولأن مفهوم الفقر النسبي حركي، فإن حد الفقر قد يكون مثلاً 40% من مجموع السكان والحاصلين على أقل الدخول، وترجع أهمية مفهوم الفقر النسبي إلى طبيعته الحركية، ففي اقتصاد متطور لابد وأن يتغير فيه حد الفقر مع تغير الزمن.

ثانيا: مفهوم البطالة .

تُعرفُ البطالة (بالإنجليزيّة: Unemployment) بأنّها عبارةٌ عن تعبيرٍ يُطلقُ على الأفرادِ الذين يعيشون بلا عمل؛ أيّ المُتعطّلون عن العمل. وتُعرفُ البطالة أيضاً بأنّها حالةٌ يُوصفُ بها الشّخصُ الذي لا يجدُ عملاً مع مُحاولته الدّائمة في البحث عن عمل. ومن التّعريفات الأُخرى للبطالة أنّها وجودُ أفرادٍ في المُجتمعِ قادرين على العمل وسلكوا طُرقاً كثيرةً للبحثِ عن وظيفةٍ ما ولكنّهم لم يحصلوا على فُرصةٍ مناسبة لهم..

وتتعدد أنواع البطالة بين الفئات التالية:

البطالة الهيكلية: تعتبر هذه البطالة جزئية، بمعنى أنها تقتصر على قطاع إنتاجي أو صناعي معين، ويقترن ظهورها بإحلال الآلة محل العنصر البشري مما يؤدي إلى الاستغناء عن عدد كبير من العمال.

البطالة الموسمية: ينشأ هذا النوع من البطالة نتيجة ركود قطاع العمال وعدم كفاية الطلب الكلي على العمل، ومن أمثلتها البطالة التي تطرأ بعد انقضاء موسم الحج.

البطالة الاختيارية: تكون بمحض إرادة الباحث عن العمل، بمعنى أنه أتم دراسته، ومهيأ لدخول سوق العمل، لكنه لا يبحث عن عمل.

البطالة المقنعة: فهي تعبر عن مجموعة من العمال الذين يحصلون على أجور أو رواتب دون مقابل من العمل أو الجهد الذي تتطلبه الوظيفة، وهي نسبة إذا تم سحبها من مجال العمل لا يترتب على خروجها أي نقص في إجمالي إنتاج الشركة أو المؤسسة التي هم موظفون فيها، وربما زاد الإنتاج إذا بقوا في وظائفهم، مثل: «السعودة الوهمية».

البطالة الطبيعية: تحدث عندما يكون الطلب على العمل مساوياً لعرضه، أي أن عدد الباحثين عن العمل مساو لعدد المهن الشاغرة أو المتوفرة.


وتتعدد أسباب البطالة في كل مجتمع بحسب خصائص هذا المجتمع، غير أن من أبرز أسباب البطالة ما يلي:

- عدم توفر فرص كافية في سوق العمل.

- اشتراط بعض الشركات الحصول على خبرة سابقة.

- عدم وجود تناسب ما بين مخرجات التدريب والتعليم ومتطلبات سوق العمل.

- عدم وجود المؤهلات الكافية للدخول في سوق العمل.

- نقص وسائل المواصلات العامة، أو ارتفاع تكاليفها.

- سيطرة العمالة الأجنبية المنظمة على نشاطات المشاريع الصغرى بالمدينة.

-الهجرة من القرى للمدن مما يعني تكدس العمالة بالمدينة وشحها بالقرى

-سوء الوضع الاقتصادي للبلد


المطلب الثاني آثار الفقر والبطالة على المجتمع:

تتشابه كثيرا آثار كل من الفقر والبطالة على الفرد والمجتمع خاصة وأن البطالة ونقص فرص العمل  سبب مباشر من أسباب الفقر , إلا أننا يمكن أن نجمل هذه الآثار فيما يلي:

أولا: آثار الفقر على الفرد والمجتمع

سوء التغذية: حيث يعاني الفقراء من عدم وجود الغذاء، وحتى إن وجد، فقد لا يكون صحياً أو جيداً للصحة، وتعتبر دولة رواندا الإفريقية من الدول التي يعاني سكانها من سوء التغذية؛ حيث يعاني الأطفال فيها من التضوّر جوعاً حتى الموت.

 عدم القدرة على تلقي العناية الصحية: حيث يعاني الفقراء في الغالب من عدم القدرة على الذهاب للطبيب للعلاج، أو شراء الأدوية التي يحتاجونها. 

التشرد: حيث يعاني الفقراء من عدم قدرتهم الحصول على مسكن أو بيت، فيعيشوا في ملجأ أو في الشارع.

 التسول: حيث يمكن أن ينتهي الأمر بالفقير إلى التسول أو إلى الانحراف واتباع سلوكيات سيئة؛ كالسرقة، أو الدعارة، أو تجارة المخدرات. 

ومن أثر الفقر على المجتمع يتسبب الفقر في أغلب التوترات التي تحصل بالمجتمع؛ حيث إن عدم المساواة في الدخل قد تؤدي إلى تقسيم الدولة، ويحدث ذلك عندما تتوزع الثروة في الدولة بشكل غير عادل بين مواطنيها؛ بحيث يكون أغلبية مال الدولة ملكاً لفئة قليلة من المجتمع؛ لذلك تحافظ الدول المتقدمة على الاستقرار فيها عن طريق المحافظة على وجود طبقة متوسطة فيها، كما يُعتبر الفقر عاملاً خطيراً للغاية يمكن له أن يهدد استقرار دولة بأكملها.وهنالك آثار أخرى للفقر يرتبط الفقر ارتباطاً وثيقاً بارتفاع خطر الإصابة بالأمراض، والأوبئة، والوفاة المبكرة؛ حيث تكون أوزان الأطفال الذين يولدون في الأماكن الفقيرة من العالم أقل مقارنة بالأطفال الذين يولدون لأُسر غنية، وتقل في الغالب عن 200غ، كما أنهم أكثر عرضة للإصابة بالأمراض المزمنة خلال فترة الطفولة، أو الإصابة بالعجز، أو حتى الوفاة عند الولادة، كما أن الصحة السيئة خلال الحياة تؤدي إلى قصر العمر المتوقع للفرد.

ثانيا: آثار البطالة على الفرد والمجتمع.

  1. آثار البطالة على الفرد: 

  • الإصابة بالاكتئاب وببعض الحالات النفسية مثل التوتّر والانسحاب نحو الذات، بسبب عدم التزام الفرد بعمل ثابت يشعره بقيمته والغاية من وجوده في الحياة، ناهيك عن شعوره بأنه عالة على المجتمع الذي يحيا فيه، الأمر الذي قد يؤدي إلى انتحار البعض بسبب عدم اعتبارهم عناصر فاعلة في المجتمع، ومعاناتهم تحت ضغوط كبيرة لعدم قدرتهم على تلبية احتياجاتهم واحتياجات أسرتهم بسبب عوامل خارجة عن إرادتهم، وهو ما ينعكس على الحالة النفسيّة لجميع أفراد الأسرة. 

  • تدني احترام الفرد لذاته بسبب حالة العجز والملل وعدم الرضا التي يحياها، الأمر الذي ينعكس في الكثير من الأحيان على صحته الجسدية، ما يزيد من حالات الإعياء البدني والأمراض التي تصيب العاطل عن العمل. 

  • زيادة الأعباء الماليّة والدّيون التي يتحمّلها الفرد أو ربّ الأسرة بسبب اضطراره للاقتراض لتلبية متطلّبات المعيشة له ولأسرته. 

  • الاضطرار للخضوع للكثير من التغييرات في نمط الحياة، مثل الانتقال من المنزل الذي لا يستطيع الفرد أن يدفع إيجاره للعيش مع أسرته أو مع عوائل أخرى، وهو تغيير صعب ومحبط في الكثير من الأحيان؛ إذ يُجبر الفرد على التخلّي عن خصوصيّته وروتين حياته، إلى جانب التخلّي عن الرفاهيّة التي كان يحياها أثناء تواجده في وظيفة، وقد يبيعوا الأغراض الشخصيّة فقط ليتمكّنوا من دفع الفواتير المترتّبة عليهم.

  •  القبول بوظيفة أقل من المهارات العمليّة، والخبرات العلميّة، والشّهادات الأكاديميّة التي يمتلكها الفرد، ما يؤثّر سلبًا على الرّضا الوظيفي لديه، وهو ما يسبّب ضعف إنتاجيّته وتدنّيها، وقد تؤدّي به مرّة أخرى إلى شرك البطالة. 


  1. آثار البطالة على المجتمع

  • ارتفاع معدلات الجريمة كثيرًا كالسرقات والتهريب والتزوير والاتجار بالبشر والمخدرات والعديد من الجرائم على شاكلتها، بسبب بحث بعض العاطلين عن العمل عن بدائل تتيح لهم تأمين احتياجاتهم الأساسية.

  •  ارتفاع معدلات الطلاق والخلافات العائلية بسبب فقدان معيل تلك الأسر لعمله، وبالتالي عدم قدرته على تلبية متطلبات أسرته المعيشية، وهذه المشكلات تزيد من تفكك الأسر وبالتالي توجه أفرادها لعالم الجريمة والانحراف. 

  • تزعزع الاستقرار السّياسي في البلاد التي تعاني من معدّلات مرتفعة من البطالة، وقد تتسبّب بحدوث حالات الشغب والتمرد، وذلك لأن البطالة تخلق نوعًا من البلبلة وعدم الثقة في الحكومات والنهج الاقتصادي الذي تتخذه للنهوض بالبلد، الأمر الذي يزيد من محاولات الشعوب الانقلاب على حكوماتها، بالإضافة إلى لجوء الحكومة إلى فرض المزيد من الضّرائب لمواجهة الرّكود الاقتصادي، وهو ما يؤجّج الموقف أكثر.

  •  ارتفاع معدّلات الانتحار بين صفوف العاطلين عن العمل، سواء محاولات الانتحار، أو الانتحار الفعلي. 

  • ارتفاع مستوى الفقر، وتدنّي مستوى المعيشة.

  •  انخفاض القوّة الشرائيّة للأفراد، لأنّهم يفضّلون الادّخار على الإنفاق لمواجهة متطلّبات الحياة، وتقلّبات الأوضاع، الأمر الذي يؤثّر بدوره على الاقتصاد سلبًا.

  •  ارتفاع معدّلات الرّكود الاقتصادي. 

  • ازدياد هجرة الكفاءات العلمية والفنية إلى خارج دولها خصوصًا الدول النامية وذلك بسبب عدم توفر فرص عمل تناسبها أو جهات رسمية تحتضنها، الأمر الذي يُفقدها الدّافع في البقاء في مثل هذه الدّول، ورغبتها بالهجرة للبحث عن فرص عمل أفضل، وهو ما يسبّب فقدان الموارد البشريّة التي تدعم التنمية الاقتصادية في المجتمع.


المطلب الثالث: دور الوقف الإسلامي في حل مشكلة الفقر والبطالة.

أولا: دور الوقف الإسلامي في حل مشكلة الفقر.

نحن نعلم يقينا أن مشكلة الفقر هي مشكلة متشعبة ولها الكثير من الأسباب وهذا يستلزم  بالضرورة إيجاد الكثير من الحلول لمحاربة هذه الظاهرة , وهنا لا يمكننا أن نقول أن الوقف سيقضي على ظاهرة الفقر تماما وإنما سيخفف من آثارها بقدر الإمكان للمساعدة في السيطرة عليها والتخلص منها على المدى البعيد.

فمن المجالات التي يساهم الوقف بها بشكل مباشر لحل مشكلة الفقر هو مجال الإقراض:

إذ يمكن للوقف أن يكون مصدراً من مصادر تمويل القروض وذلك من خلال طبيعته كمورد دائم، من خلال تقديم الواقف عقاراً أو قطعة أرض أو مبنى أو أي عنصر إنتاجي، بغرض وقفها لصالح الفقراء، وذوي الدخل المحدود. ليقدم من ريعها قروضاً إلى هؤلاء المحتاجين، لتغطية حاجات استهلاكية وإنتاجية واجتماعية واقتصادية. وقد يستخدم الوقف بأن يخصص جزء من ريع الوقف لإقراض صغار المزارعين في العمل الزراعي ليكونوا من المنتجين بدلاً من أن يكونوا من متلقي الإعانات والمساعدات، وكذلك لإقراض صغار الحرفيين وصغار التجار، وقد يستخدم القرض لتفريج كربات الناس وقضاء مصالحهم وتيسير وسائل الحياة لديهم.

فالوقف بمنحه القروض لفئات مختلفة من الناس (أصحاب الحاجة)، إنما يفتح أبواباً لمعالجة مشاكل اجتماعية متنوعة، ويساعد فئة من المجتمع تحجم الكثير من المصارف على منحهم القروض فالمصارف في الغالب تقبل على منح ائتماناتها لكبار رجال الأعمال، نظراً للضمانات القوية التي توهبها مراكزهم في الأسواق.

والطريقة الأخرى التي يساهم فيه الوقف للحد من ظاهرة الفقر بطريقة مباشرة أيضا هي إيجاد فرص عمل للفقراء , من أصحاب المهن والحرف والشهادات , وهذا ما سيتم توضيحه في المطلب التالي.

كما ويساهم الوقف في توفير الحاجات الأساسية للفقراء والمساكين والمشردين والمعوقين، عبر تقديم الخدمات لهم  ورفع مستواهم الصحي والتعليمي والمعيشي. وتوفير بعض ما فقدوه أو لم ينالوه من رعاية. 

ويمكن لنظام الوقف أن يجعل من الأماكن التي يتم فيها تقديم المنافع محط أنظار للفقراء ومناطق جذب للمساكين وبالتالي يمكن التعرف على مشاكلهم واحتياجاتهم وإمكانية إيجاد الحلول لها. 

فقد كان الفقراء والمساكين والمحرومون يجدون في التكايا والزوايا وهي مؤسسات وقفية في أكثر الأحيان، ما يقيهم الجوع والعري ومن مستشفياتها المجانية ما يعالجون به الأمراض، وكثير من المساجد والمآوي والملاجئ قد أوجدها الوقف لتقوم بدورها الاجتماعي في مجال إيواء وإطعام الفقراء، وقد وجدوا فيها المأوى انساني أو شبه انساني. 

فالوقف يسهم بفاعلية في معالجة الفقر وتحسين مستوى المعيشة، وفي رعاية الفئات الأشد حاجة في المجتمع ويسد ثغرات قد تقصر أو تتقاعس مؤسسات الزكاة عن رعايتها. فقد أمكن من خلال الوقف تحسين مستوى المعيشة بين أفراد المجتمع عن طريق المؤسسات المختلفة، وتمتع الأفراد في المجتمعات الإسلامية بدخل حقيقي عالي المستوى (والدخل الحقيقي هو المقياس الحقيقي لمستوى المعيشة)، فإذا توافر للإنسان على الغذاء والكساء والمسكن والمياه الصالحة للشرب والرعاية الصحية والتعليم بأي طريق مباح، عد ذلك دخلاً حقيقياً يمثل ارتفاع في مستوى المعيشة

كما ويمكن للوقف التأثير بصورة غير مباشرة للحد من الفقر تتمثل في المشاركة في القضاء الأمية ونشر العلم : إذ يعتبر انتشار الأمية من أبرز المشاكل الاجتماعية. فانتشار التعليم دليل على رقي الشعوب وتطورها، وانتشار الأمية دليل على تفاقم الجهل وتخلف الأمم، وترتبط الأمية بأمراض ومشاكل اجتماعية واقتصادية مثل ضعف الإنتاج، وعدم القدرة على استخدام الطرق التكنولوجية، مما يساهم بشكل غير مباشر في تخلف المجتمعات وانحدار مستوى أبنائها وهذا ما سيؤدي إلى الفقر والمجاعات والكوارث .

ويعتبر ما قام به الوقف في العصور السابقة دليل ساطع على نجاح مؤسساته العلمية في القضاء على الأمية، فقد شهدت بلاد الأندلس حركة علمية ناشطة من المكتبات والمدارس واحتفل أهل قرطبة بتشييع آخر أمي في القرن التاسع، بل وجذبت قرطبة إليها في أوج ازدهارها آلافاً من اليهود والمسيحيين، ويذكر أن الطلبة من كل أنحاء الدنيا تدفقوا على بلاد الأندلس وعلى قرطبة ليتعلّموا منها، وخاصة أيام حكم الأمويين بين القرنين الثامن والحادي عشر.


ثانيا: دور الوقف الإسلامي في حل مشكلة البطالة.

تتجسد آثار البطالة كما أسلفنا في  المعاناة الشديدة التي يعيشها العاطلون عن العمل، وتتضح خطورتهاا أنهاا تحول السكان من موارد بشرية عليها أن تلعب الدور المطلوب منها في الإنتاج إلى مجرد أعداد تشكل عائقاً في مسيرة التطور والتقدم. ولتضفي على المجتمع المزيد من التخلف والتراجع هذا فضلاً عن العديد من المشاكل والأزمات الاجتماعية من جرائم وفساد وسرقات. ويسهم الوقف في معالجة هذه المشكلة والحد من آثارها عبر:

المعالجة المباشرة: وذلك من خلال ما تستخدمه المؤسسات الوقفية من اليد العاملة في مختلف الميادين: أعمال الإشراف والرقابة والإدارة، فضلاً عن الخدمات الإنتاجية والتوزيعية، بما يسهم في تشكيل طلب كبير على الأيدي العاملة بالمقابل.

المعالجة غير المباشرة: حيث يسهم الوقف في تحسين نوعية قوة العمل في المجتمع لما يوفره من فرص تعلم المهن والمهارات، مما يرفع من الكفاءة المهنية والقدرات الإنتاجية للأيدي العاملة. ويظهر بذلك الدور الإيجابي للوقف في المساهمة في تخفيض مشكلة البطالة والتي أضحت مشكلة حقيقية تؤرق الحكومات والأفراد، وتأخذ أبعاداً اجتماعية واقتصادية وسياسية. فالوقف يؤمن وظائف للعديد من الأفراد، ويؤمن بالتالي حاجات العديد من العائلات فتعدد الوظائف في الوقفيات وإداراتهاا. فالمسجد مثلاً يحتاج إلى قراء ومؤذن وخادم للمسجد وعامل نظافة وخطيب وإمام، ومدرس، والأمر يكبر بالنسبة للمؤسسات التعليمية أو الصحية، فيؤمن بالتالي رزقاً حلالاً للباحثين عنه. يضاف إلى ذلك، إن الوقف يفتح الباب أمام ظهور جماعة من المتخصصين في الأعمال، فمن المبادئ الاقتصادية والمشهورة أن التخصص يرفع الإنتاجية ويزيد الابتكار، وبقدر ما نجد أوقافاً مخصصة للإطعام، وأخرى للإيواء، وثالثة للتعليم، ورابعة للعلاج الطبي وهكذا، بقدر ما نجد أناساً متخصصين في توفير الغذاء وآخرين في توفير الإسكان وغيرهم في تقديم الخدمات الطبية.

الخاتمة والمقترحات

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات , فقد بان لنا من خلال استعراض المباحث والمطالب أهمية الوقف الإسلامي ومدى تجذره في وجدان المجتمع الإسلامي منذ نشأته , وبرزت أهميته في مجال محاربة ظاهرة الفقر والبطالة بشكل جلي جدا , إذ أنه ساهم على مدار العقود في تأمين حاجات الفقراء وتمكين القادرين على العمل من إيجاد وظائف تسد احتياجاتهم , وهذا كله يجعل من المجتمع مجتمعا يتطلع للرفعة والسمو لأن أبناءه لا ينشغلون بسد حاجاتهم الأساسية بل يجعلهم يتطلعون إلى أفق أعلى من التقدم والحضارة , لا يمكنهم الانتقال الى هذا المستوى من التفكير إلا إذا توفر لديهم الأمن الغذائي والدوائي والصحي والتعليمي لهم ولأسرهم , وهذا ما يساهم الوقف في تحقيقه.

وبعد خوض غمار هذا البحث أوصي بما يلي:

  1. ضرورة قيام وقفيات للتنمية الاجتماعية، أي التي تساهم في زيادة الوعي والخبرة العملية في الإنتاج، وتوسيع المدارك وتوفير المهن والتدريب على الحرف، وتمليك العديد من العناصر وسائل التعلم من خلال وسائل تعليمية عديدة وإنشاء وقفيات لهذا الغرض : وقفية لتعليم الخط والرسـم والخياطة والسراميك والتمريض والمحاسبة وتربية الأطفال والإرشاد الاجتماعي والتوعية الصحية..

  2. إقامة المراكز الوقفية التي تعالج علل المجتمع المختلفة. وخاصة بالنسبة للأحداث، ويمكـن للوقف إنشاء مراكز لمعالجة جنوحهم ومشاكلهم بتشغيلهم في مراكز حرفية وإيجاد الأندية والمراكز

  3.  إعادة إحياء النماذج الوقفية التي كان لها دور فاعل في العمل الاجتماعي، مثل التكايـا والزوايا . فإعادة الروح إلى هذه النماذج. إنما تخدم قطاعات واسعة من النـاس وتجعـل المجتمع أكثر استقراراً، فعملية توزيع الطعام على الفقراء من خلال هذه المؤسسات يؤدي إلى الأمن النفسي والاجتماعي. ويجعل من الجوع أمراً مستبعداً في ظل الوقف على أن يـتم تطـوير هـذه النماذج بما يتوافق مع طبيعة العصر ومقتضياته 

  4. كذلك إلى إحياء وقفيات اجتماعيـة انقرضت، مثل وقفيات الأعراس وذلك تشجيعاً للشباب على الزواج والتخفيـف مـن عـبء مصاريف الأعراس والزواج 

  5. احياء وقفيات تعريس المكفوفين أو الأيتام وما يخفف به ذلك على المجتمع من مصاريف ويحـل الكـثير مـن المشاكل الاجتماعية مثل: العنوسة، الزنى، المشاكل النفسية، التفكك الأسري.

  6.  البحث عن ثغرات جديدة في المجتمع وإمكانية إيجاد أوقاف لها . وإن لا يتوقف الأمر عند الأوقاف التقليدية (المساجد أو الزوايا) فهناك نواحي تجاهلتها الكثير من النشاطات ويمكن للوقف أن يؤدي دوره فيها مثل وقف السجناء الذين حكم عليهم بالسجن لأسباب مـسلكية (كـذب واحتيال أو سرقة أو خطف) فمن الممكن أن تدرس أوضاعهم أو ترعى شؤونهم وكذلك شـؤون أسرهم، فلا ذنب للأسرة أن تضيع وتتشرد. فمن الممكن أن يقوم الوقف برعايتهم وتقـديم مـا يحتاجون إليه ضمن طاقته كي لا يستغل السجين وعائلته من أطراف أو جهات تمتلـك الناحيـة المادية وتعطي لهذا الشأن الكثير من الاهتمام. 

  7. التنسيق بين مؤسستي الوقف والزكاة كمؤسستين أساسيتين في الأمة لعب تا دوراً هاماً في التاريخ الاجتماعي والاقتصادي. فمن الضروري توفر قنوات اتصال وتعارف بينها للمـشاركة في إقامة المشاريع وتحصين المجتمع. وحتى لا تتكرر المشاريع أو تتضارب النشاطات، وذلك باستحداث إدارات مشتركة متسلحة بإمكانيات حديثة ومن الممكن اشتراك كل منها في أعمال تكون محـل اهتمامها، وذلك بتقدير عدد الفقراء والمساكين والنشاطات الملحة والقضايا التي تحتـاج لمعالجـة فورية.

  8. دعوة البنوك الإسلامية إلى توفير نظام خاص للتعامل مع الوقف، يراعي فيه ما للوقـف من ميزة خيرية وأهداف عامة. وذلك بتوفير الاستثمارات والتسهيلات اللازمة والإقراض الحسن.

  9. إنشاء وقفيات تقوم على استخدام رأس المال الوقفي في مواضيع إنتاجيـة واسـتثمارية

مختلفة. لها مردوها الاجتماعي:

أ- تمويل أصحاب الصناعات الحرفية والأعمال ذات رأس المال البسيط لتشغيلهم ودعـم

وتطوير وتسهيل قطاع الصناعات الصغيرة. الأمر الذي يساعد على استيعاب جانباً من

العاطلين عن العمل.

ب- مشاركة الأسر والعائلات والأرامل الذين يمتلكون الخبرة في إنتاج بعض المنتوجـات

التقليدية من المربيات وبعض أنواع الشراب وبعض الصناعات اليدويـة: كالـسجاد

والبسط والسلال وتربية الدواجن والماعز وتوفير البيض. مما يولد دخولاً ويخفف من

الضغوط المعيشية.

ج- تمويل خريجي المعاهد والجامعات وأصحاب الخبرات والمهن والتخصصات العـاطلين،

والذين يحتاجون إلى رأس المال للقيام بتطبيق أفكارهم حتى يتولوا إلى طاقات منتجة.

وبذلك يمكن عن طريق هذه الحلول إيجاد أجوبة للعديد من المشاكل الاجتماعية.

المصادر والمراجع

  1. القرآن الكريم

  2. الصحيحان ( صحيح البخاري وصحيح مسلم)

  3. تهذيب اللغةالمؤلف: محمد بن أحمد بن الأزهري الهروي، أبو منصور (المتوفى: 370هـ) المحقق: محمد عوض مرعب الناشر: دار إحياء التراث العربي – بيروت الطبعة: الأولى، 2001م

  4. لسان العرب المؤلف: محمد بن مكرم بن على، أبو الفضل، جمال الدين ابن منظور الأنصاري الرويفعى الإفريقى (المتوفى: 711هـ) الناشر: دار صادر – بيروت الطبعة: الثالثة - 1414 هـ

  5.  القاموس المحيط المؤلف: مجد الدين أبو طاهر محمد بن يعقوب الفيروزآبادى (المتوفى: 817هـ) تحقيق: مكتب تحقيق التراث في مؤسسة الرسالة بإشراف: محمد نعيم العرقسُوسي الناشر: مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت – لبنان الطبعة: الثامنة، 1426 هـ - 2005 م.

  6. أنيس الفقهاء في تعريفات الألفاظ المتداولة بين الفقهاء

  7. المؤلف: قاسم بن عبد الله بن أمير علي القونوي الرومي الحنفي (المتوفى: 978هـ) المحقق: يحيى حسن مراد الناشر: دار الكتب العلمية الطبعة: 2004م-1424هـ.

  8. تاج العروس من جواهر القاموس المؤلف: محمّد بن محمّد بن عبد الرزّاق الحسيني، أبو الفيض، الملقّب بمرتضى، الزَّبيدي (المتوفى: 1205هـ) المحقق: مجموعة من المحققين الناشر: دار الهداية.

  9. معجم اللغة العربية المعاصرة.

  10. طلبة الطلبة المؤلف: عمر بن محمد بن أحمد بن إسماعيل، أبو حفص، نجم الدين النسفي (المتوفى: 537هـ الناشر: المطبعة العامرة، مكتبة المثنى ببغداد

  11. المصباح المنير في غريب الشرح الكبير المؤلف: أحمد بن محمد بن علي الفيومي ثم الحموي، أبو العباس (المتوفى: نحو 770هـ) الناشر: المكتبة العلمية – بيروت

  12. درر الحكام شرح غرر الأحكام المؤلف: محمد بن فرامرز بن علي الشهير بملا - أو منلا أو المولى - خسرو (المتوفى: 885هـ) الناشر: دار إحياء الكتب العربية.

  13. الإسعاف فى أحكام الأوقاف المؤلف: إبراهيم بن موسى بن أبي بكر ابن الشيخ علي الطرابلسي، الحنفي (المتوفى: 922هـ) الناشر: طبع بمطبعة هندية بشارع المهدى بالأزبكية بمصر المحمية الطبعة: الثانية، 1320 هـ - 1902 م.

  14. الهداية الكافية الشافية لبيان حقائق الإمام ابن عرفة الوافية. (شرح حدود ابن عرفة للرصاع) المؤلف: محمد بن قاسم الأنصاري، أبو عبد الله، الرصاع التونسي المالكي (المتوفى: 894هـ) الناشر: المكتبة العلمية 

  15. الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف: أحمد بن غانم (أو غنيم) بن سالم ابن مهنا، شهاب الدين النفراوي الأزهري المالكي (المتوفى: 1126هـ) الناشر: دار الفكر

  16. أسنى المطالب في شرح روض الطالب المؤلف: زكريا بن محمد بن زكريا الأنصاري، زين الدين أبو يحيى السنيكي (المتوفى: 926هـ).

  17. لإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل المؤلف: موسى بن أحمد بن موسى بن سالم بن عيسى بن سالم الحجاوي المقدسي، ثم الصالحي، شرف الدين، أبو النجا (المتوفى: 968هـ) المحقق: عبد اللطيف محمد موسى السبكي الناشر: دار المعرفة بيروت – لبنان 

  18. ابو زهرة, محاضرات في الوقف سنة النشر 1971الناشر : دار الفكر العربي ط2.

  19. تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان المؤلف: عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله السعدي (المتوفى: 1376هـ) المحقق: عبد الرحمن بن معلا اللويحق الناشر: مؤسسة الرسالة الطبعة: الأولى 1420هـ -2000 م

  20. المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج المؤلف: أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ) الناشر: دار إحياء التراث العربي – بيروت  الطبعة: الثانية، 1392.

  21. الجامع الكبير - سنن الترمذي المؤلف: محمد بن عيسى بن سَوْرة بن موسى بن الضحاك، الترمذي، أبو عيسى (المتوفى: 279هـ) المحقق: بشار عواد معروفالخصاف , أحكام الأوقاف,.

  22. لمحلى بالآثار المؤلف: أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي القرطبي الظاهري (المتوفى: 456هـ) الناشر: دار الفكر - بيروت.

  23. عمدة القاري شرح صحيح البخاري المؤلف: أبو محمد محمود بن أحمد بن موسى بن أحمد بن حسين الغيتابى الحنفى بدر الدين العينى (المتوفى: 855هـ) الناشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت.

  24. فتح الباري شرح صحيح البخاري المؤلف: أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني الشافعي الناشر: دار المعرفة - بيروت، 1379.

  25. أ.د.خالد بن علي بن محمد المشيقح (2013)، الجامع لحكام الوقف والهبات والوصايا (الطبعة الأولى)، قطر: وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية القطرية،.

  26. الدسوقي، محمد، الوقف ودوره في تنمية التجتمع الإسلامي، وزارة الأوقاف المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، عدد ٦٤ ،القاهرة، د.ط، ٢٠٠٠

  27. العثمان، عبد المحسن محمد، الوقف أحد الصيغ التنموية الفاعلة في الإسلام، الندوة الفقهية العاشرة مجمع الفقه الإسلامي في الهند، دار الكتب العلمية، بيروت، ط١ ،٢٠٠١ .

  28. المصري، رفيق، أصول الاقتصاد الإسلامي، الدار الشامية، بيروت، ط٢ ،١٩٩١ .

  29. مشهور، نعمت عبد اللطيف، أثر الوقف في تنمية المجتمع، مجلة الاقتصاد الإسلامي، دبي،           

  30. الإسهام الاقتصادي والاجتماعي للمنظمات الأهلية في الدول العربية، الشبكة العربية للمنظمات الأهلية، د.ط، د.ت،.

  31. لبنك الدولي للإنشاء والتعمير - تقرير التنمية في العالم 1990م، الطبعة العربية، مؤسسة الأهرام، القاهرة، 1990م،

  32. د. نبيل صبحي الطويل - الحرمان والتخلف في ديار المسلمين، كتاب الأمة (7)، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1405هـ.

  33. د. محمود صديق زين - ((قياس توزيع الدخل في الدول النامية)) ضمن بحوث في الاقتصاد والإدارة، مركز النشر العلمي، جامعة الملك عبدالعزيز، جدة، 1405هـ.

  34. د. عبدالهادي النجار - الإسلام والاقتصاد، كتاب عالم المعرفة.

  35. الموسوعة العربية العالمية (1999)، الموسوعة العربية العالمية (الطبعة الثانية)، المملكة العربية السعودية: مؤسسة أعمال الموسوعة للنشر والتوزيع،

  36. http://www.al-jazirah.com/2016/20160709/rj2.htm 

  37. https://www.edarabia.com/ar/

  38. https://hyatok.com/.

  39. الجندي، محمد الشحات، القرض كأداة للتمويل في الشريعة الإسلامية، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، القاهرة، ط١ ،١٩٩٦ .

  40. القري، محمد بن علي، مقدمة في أصول الاقتصاد الإسلامي، دار حافظ، ط٣ ،١٩٩٩ ،

  41. هونكيه، زيغريد، شمس العرب تسطع على الغرب، دار الآفاق الجديدة، بيروت، ط٨ ،١٩٩٣ ،ص ٥٠٠.

تعليقات