جامعة العلوم الإسلامية العالمية
كلية الشيخ نوح للشريعة والقانون
بحث بعنوان: أهلية التعاقد
إعداد: معتز منتصر السرطاوي
المقدمة
بسم الله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد
لقد قمت في هذا البحث بدراسة موضوع الأهلية لما له تأثير كبير على تصرفات الأفراد وما ينتج عن هذه التصرفات , ومتى يكون الشخص ذو أهليه ومتى تنتزع عنه هذه الأهلية لعارض من العوارض , فقمت بداية ببيان معنى الأهلية في بطون كتب اللغة ثم عرجت على كتب الأصوليين لكي اتعرف على معناها عندهم ,ثم بعد ذلك شرعت بتقسيم الأهلية وبيان ما يتعلق بكل قسم من أهلية الوجوب إلى أهلية الأداء
ثم تحدثت عن عوارض الأهلية ببيان مفهوم العوارض لغة واصطلاحا ثم تحدثت عن تأثير هذه العوارض على قسمي الأهلية , فالله الموفق وعليه التكلان .
وقد قسمت هذا البحث إلى أربعة مباحث رأيسية:
المبحث الأول: حقيقة الأهلية.
المطلب الأول: تعريف الأهلية لغة
المطلب الثاني تعريف الأهلية اصطلاحا
المبحث الثاني: أقسام الأهلية.
المطلب الأول: أهلية الوجوب
المطلب الثاني : أهلية الأداء
المبحث الثالث: عوارض الأهلية.
المطلب الأول: معنى العوارض لغة
المطلب الثاني: معنى العوارض في اصطلاح الأصوليين
المبحث الرابع: تأثير العوارض.
المطلب الأول: تمهيد
المطلب الثاني: أقسام العوارض وتأثيرها على الأهلية
المبحث الأول
حقيقة الأهلية
المطلب الأول: الأهلية لغة:
تطلق الأهلية في اللغة على معان عدة، وكلها ترجع إلى معنى صلاحية الأمر للشيء، يقال: فلان به أهلية أي صلاحية للأمر، وأَهَّل الرجل وأستأهله: رآه صالحاً ومستحقاً لأمر ما، وهو أهل لكذا، أي مستوجب له، وأهله لذلك تأهيلاً، وآهله رآه له أهلاً، واستأهله: استوجبه([1]).
قال تعالى: )وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا(([2])،أي أنهم أولى بكلمة التوحيد مؤهلين لها دون الكفار([3]).
وقال تعالى: )وَمَا يَذْكُرُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ(([4])، أي أنه أهل للتقوى لا المعصية وهو مختص بالمغفرة لمن اتقاه([5]).
المطلب الثاني: الأهلية في الاصطلاح:
عرف الأصوليون الأهلية بتعريفات عدة، جميعها متقاربة من بعضها البعض، وتدور حول معنى واحد هو:
صلاحية الإنسان للإلزام والالتزام.
وذلك بأن يكون الشخص صالحاً لوجوب الحقوق المشروعة له وعليه، ولصدور الأفعال منه على وجه يعتد به شرعاً، بعد توفر الشروط اللازمة في المكلف لصحة ثبوت الحقوق له، والواجبات عليه.
فهي:(كون الإنسان بحيث يصح أن يتعلق به الحكم)([6]).
أي صلاحيته لتعلق الحكم به.
وعرفها الرهاوي في حاشيته بأنها:
(عبارة عن صلاحيته لوجوب الحقوق المشروعة له وعليه، وهي الأمانة)([7]).
أي الأمانة التي أخبر الله- تعالى- عنها بقوله تعالى: )إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإنسان إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً(([8]).
المبحث الثاني
أقسام الأهلية
الأهلية ليست درجة واحدة، بل هي مختلفة في القوة والضعف، باختلاف مراحل الإنسان التي يمر بها، منذ تكوينه جنيناً في بطن أمه، حتي بلوغه سن الرشد، ولهذا انقسمت الأهلية إلى نوعين:
1. أهلية الوجوب.
2. أهلية الأداء.
وسنتناول كلاً منهما- إن شاء الله تعالى- بالتفصيل والبيان.
المطلب الأول: أهلية الوجوب:
الفرع الأول: معني أهلية الوجوب:
(هي صلاحية الإنسان لثبوت الحق له أو عليه)([9]).
وذلك بمقتضى الذمة التي يولد بها كل آدمي.
فالذمة هي مكان الوجوب، وهي وصف اختص الله- تعالى- به الإنسان دون غيره من الحيوانات التي فقدت الذمة.
وتثبت الذمة
للإنسان بناء على العهد الذي جرى بينه وبين الحق سبحانه وتعالى، يوم أن أخذ عليه
العهد، قال الله تعالى: )وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ
الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ(([10]).
وقال تعالى: )وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنْشُوراً(([11]).
وهذه الأهلية تتحقق للإنسان في بطن أمه قبل أن يولد، إذ تثبت له الحقوق التي لا تحتاج إلى القبول، مثل الإرث، والوصية، والوقف، وتستمر حتى يموت([12]).
الفرع الثاني: أحوال أهلية الوجوب:
جاء في كشف الأسرار:( أن أهلية الوجوب تنقسم فروعها بحسب انقسام الأحكام، فالصبي أهل لبعض الأحكام وليس بأهل لبعضها أصلاً، وهو أهل لبعضها بواسطة رأي الولي، فكانت هذه الأهلية منقسمة نظراً إلى أفراد الأحكام وأصلها واحد، وهو الصلاح للحكم…)([13]).
لذا قسم الأصوليون أهلية الوجوب إلى قسمين: ناقصة، وكاملة.
القسم الأول: أهلية الوجوب الناقصة:
وهي التي تؤهل من اتصف بها لثبوت الحق له، دون أن يكون أهلاً لثبوت أي حق عليه، وذلك في الجنين فقط، فإنه متي تأكدت حياته في بطن أمه حتى يولد حياً، فهو أهل لثبوت الحقوق له من إرث، ووصية، واستحقاق للوقف، وثبوت النسب له من جهة أبيه، ولكن لا يثبت عليه أي حق من الحقوق، فلا يصح للوكيل الشراء له ولا الهبة، ولا الالتزام بالنفقة لقريب، أو غيره، لأن الجنين يجمع بين صفتي التبعية لأمه والاستقلال عنها.
وهذا هو السبب في اعتبار نقص أهلية الوجوب للجنين.
فالأول- التبعية لأمه- فالتبعية في ارتباطه بأمه حساً لتحركه بتحركها، وقراره بقرارها، فهو جزء منها كاليد، والرجل وسائر الأعضاء، وارتباطه بها حكماً أيضاً، إذ يباع ببيعها، ويعتق بعتقها، وفي ذلك يقول ابن رجب الحنبلي:(إذا أعتقت الأمة الحامل عتق حملها معها)([14]).
أما الثاني- الاستقلال عنها- فلأنه منفرد عن الأم بحياته، وله كيان ومقومات إنسانية، وهو بذلك معد للانفصال عن أمه، ليصير ذاتاً مستقلة، وعلى هذا فإن تبعيته ليست مطلقة، بل هي تبعية جزئية.
وكانت تبعيته لأمه مستدعية عدم ثبوت الحق له، سواء كان الحق إرثاً، أو وقفاً، أو وصية، لكن الشارع الحكيم نظر فيه صفة الاستقلال، وأنه نفس حية ذات طبيعة خاصة، فأعطاه بالنظر لاستقلاله ومنعه لتبعيته([15]).
القسم الثاني: أهلية الوجوب الكاملة:
وهي تثبت للإنسان منذ ولادته، دون أن تفارقه في جميع أدوار حياته، فيصلح الإنسان لتلقي الحقوق، والالتزام بالواجبات، ولا يوجد إنسان فاقد لهذه الأهلية، فأهلية الوجوب هي ما كان المتصف بها صالحاً لثبوت الحق له وعليه، بحيث تكون ذمته مطالبة بالالتزامات المالية.
وبتلك الأهلية يصلح الإنسان لأن يتلقى الحقوق، وأن يلتزم بالواجبات([16]).
وعلى ذلك فإن أهلية الوجوب الكاملة تتحقق لكل مولود، سواء كان مميزاً أم لا و يثبت لكل مولود ما يلي:
1- صلاحية ذمته للالتزام بما يقوم به وليه من تصرفات مع التقيد بها، إن بلغ الرشد، لأنها وقعت باسمه وفي الحدود التي أجازها الشارع.
2- يثبت في مالهم كل ما هو مؤونة في الأصل كالعشر، وما يشوبه معنى المؤونة كصدقة الفطر، اكتفاءً بالأهلية القاصرة بواسطة الولي([17]).
وتلزمهم أيضاً الصلات التي تشبه المؤونة المالية: وهي نفقة الأقربين التي ألزم بها الشارع الغني، لسد حاجة الفقير.
3- ضمان ما يتلفه القاصر من أموال، لصلاح ذمته لثبوت كل واجب مالي عليه، لأن المقصود منه ضمان التلف، ويقوم بأدائه وليه نيابة عنه([18]).
البند الثالث: أصل الذمة ووجودها في الإنسان:
لما كانت الأهلية مبنية على قيام الذمة ولا تثبت إلا بوجودها([19]).
فلا بد من تعريف الذمة لغة وفي اصطلاح الفقهاء.
أولاً: معنى الذمة لغة:
تطلق الذمة في اللغة على معان ثلاثة هي:
العهد، الضمان، والأمان([20]).
وإنما فسرت بالعهد، لأن نقضه يوجب الذم، ومنه قوله تعالى: )لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلا ذِمَّةً(([21])، أي عهد.
وقوله تعالى: )وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلاًّ وَلا ذِمَّة(([22]).
ومنه يقال أهل الذمة للمعاهدين من الكفار.
وقال ابن عباس: "الإل: القرابة، الذمة، العهد، والميثاق"([23]).
وقال أبو عبيده: الذمة معناها الأمان([24]).
وتبدو النسبة بين معاني الذمة الثلاثة ـ العهد، الضمان، والأمان، من الالتزام في كل منها، فإن المعاهد يلتزم بما عاهد عليه، والضامن يلزم ما ضمنه، ومعطي الأمان ملزم بأمان من آمنه([25]).
ثانياً: معنى الذمة في الاصطلاح:
اختلف العلماء في حقيقة الذمة وتحديدها على آراء([26]).
وسوف نقتصر ـ إن شاء الله تعالى ـ على الرأي الراجح من هذه التعريفات وهو أن الذمة:
"أمر أو وصف يصير به الإنسان أهلاً للإيجاب والاستيجاب، أي الإلزام والالتزام"([27]).
حتى تتحقق للجنين ذمة تقوم عليها أهلية الوجوب القاصرة التي تثبت له، لأن الأهلية مبنية على وجود الذمة ولا تثبت إلا بوجودها.
ثالثاً: بين الأهلية والذمة:
بينا فيما سبق أن الأهلية إما أن تكون أهلية أداء أو أهلية وجوب.
وأهلية الأداء، هي: صلاحية الإنسان لما يصدر منه من أقوال وأفعال معتبرة شرعاً.
وأهلية الوجوب، هي: صلاحية الإنسان لوجوب الحقوق المشروعة له وعليه فأهلية الوجوب لها عنصران:
1. عنصر الالتزام:
وهو مؤهل لإثبات الحقوق للإنسان لا عليه.
وهو جعل الإنسان صالحاً للالتزام([28]).
وحيث اتضح معنى الأهلية، ومعنى الذمة، فإنه يلزم البحث أن نعرض لوجهات النظر المختلفة في الفرق بينهما.
أ. قال بعض الفقهاء: إن الذمة وأهلية الوجوب بحالتيها، الناقصة والكاملة، كلمتان مترادفتان لمعنى واحد، فلا فرق بين أهلية الوجوب والذمة، وعرفوا الذمة بما يفهم منه: أنها القابلية لإثبات الحقوق ووجوب الالتزام.
ب. وقال بعض منهم: إن الذمة معناها أهلية المعاملة، فإذا حكمنا بالذمة لإنسان ما كان المعنى أنه أهل للمعاملة([29]).
وهذا القول يختلف مع ما وضحه جمهور للفقهاء، لبيان ماهية الذمة، ويفتقد الدقة، إذ يبدو فيه الخلط البين بين الذمة والأهلية.
ج. وقال الأصوليون وجمهور الفقهاء بالتفريق بين الذمة وأهلية الوجوب.
فالأهلية عند هؤلاء مبنية على وجود الذمة، مستندة إليها ولا ثبات لها إلا بعد وجود الذمة، فليست الذمة عين أهلية الوجوب، ولكنها ملزومة لها، فالذمة وعاء، وما يكون بداخله هو أهلية الوجوب([30]).
وفي ذلك يقول عبد العزيز البخاري:
(أما أهلية الوجوب فبناء على قيام الذمة، أي لا تثبت هذه الأهلية إلا بعد وجود ذمة صالحة، لأن الذمة هي محل الوجوب، ولهذا يضاف (الوجوب) إليها ولا يضاف إلى غيرها بحال، ولهذا اختص الإنسان بالوجوب دون سائر الحيوانات التي ليست لها ذمة)([31]).
ومن خلال آراء الفقهاء، نرى وضوح الفرق بين أهلية الوجوب والذمة، وأنهما حقيقتان منفصلتان، وأن قيام أهلية الوجوب متوقف على وجود الذمة، ويظهر التغاير بينهما في أهلية التصرف، فقد توجد هذه الأهلية بدون ذمة، وقد توجد الذمة ولا توجد أهلية التصرف، وقد تجتمعان معاً([32]).
المطلب الثاني: أهلية الأداء:
الفرع الأول: حقيقة أهلية الأداء:
عرف الأصوليون أهلية الأداء بتعريفات عدة، كلها متقاربة من بعضها البعض، و تدور حول صلاحية الإنسان لصدور الأفعال والأقوال منه على وجه يعتد به شرعاً: ويترتب عليه آثاره الشرعية.
وعلى هذا فإن أهلية الأداء، هي أهلية المعاملة، بحيث يكون الإنسان صالحاً لاكتساب حقوق فيما يقوم به من تصرفات، وصالحاً لأن ينشئ حقوقاً لغيره بتلك التصرفات، وهو ما يسمى بالواجبات.
وهي من خلال التعريفات السابقة تعم العبادات والمعاملات ([33]).
الفرع الثاني: أساس أهلية الأداء:
إذا كان أساس أهلية الوجوب هو الحياة، فقد اتفق الفقهاء على أن أساس أهلية الأداء، هو التمييز والعقل.
( فأهلية الأداء لا تثبت إلا بالعقل وقدرة العمل به)([34]).
إذاً فأساس أهلية الأداء الذي تقوم عليه، هو العقل وبدونه لا توجد أهلية أداء.
وفي ذلك يقول الشوكاني: (اعلم أنه يشترط في صحة التكليف بالشرعيات، فهم المكلف لما كلف به، بمعنى تصوره بأن يفهم من الخطاب القدر الذي يتوقف عليه الامتثال، لا بمعنى التصديق به)([35]).
إذاً فالاتفاق واقع على أن الأداء متعلق بالقدرتين معاً، قدرة فهم الخطاب، وقدرة العمل بالخطاب، والقدرة الأولى إنما تتحقق بالعقل والثانية بكمال البدن([36]).
وعليه فعند فقدان هذا الأساس ـ العقل وكمال البدن ـ تنعدم الأهلية، وإن كان في الإنسان استعداد لوجودها، وهي توجد لدى الإنسان متدرجة، فإذا كمل عقله تثبت له أهلية كاملة، وإذ نقص كانت أهليته ناقصة، ولذا كانت أحوال الأهلية ثلاثاً:
أ. حالة انعدام أهلية الأداء مطلقاً.
ب. وجود أهلية أداء ناقصة.
ج. وجود أهلية أداء كاملة.
وهذا ما سنوضحه ـ إن شاء الله تعالى ـ في القسم التالي.
الفرع الثالث: أحوال أهلية الأداء:
البند الأول: عدم أهلية الأداء مطلقاً: وذلك متحقق في الطفل الذي لا يميز، وفي المجنون إذا ما استمر جنونه، إذ كلاهما عديم العقل، ومن لا عقل له لا أهلية له.
فكل من المجنون، والصغير غير المميز، باطل العقود، والتصرفات، ولا يترتب على قوله أو فعله، أي أثر شرعي، فجنايتهما على النفس، أو المال، تترتب عليها المؤاخذة المالية وحدها، وقتل الطفل أو المجنون، أو إتلافه حق الغير، يترتب عليه ضمان الدية في القتل، وضمان التلف فيما أتلفه، ولا ينبني على فعلهما قصاص، لأنه مترتب على العمد، ووجود القصد، و كلاهما قد انعدم بانعدام القدرتين([37]).
والإنسان في أول أحواله عديم القدرتين (العقل والبدن)، لكن فيه استعداد وصلاحية لأن توجد فيه كل واحدة من القدرتين شيئاً فشيئاً([38]).
البند الثاني: أهلية الأداء الناقصة:
(وهذه الأهلية تنبني على القدرة القاصرة من العقل القاصر، والبدن القاصر)([39]).
وهذه الحالة تصدق على الصبي، والمعتوه الذي لم يختل عقله، لكن ضعف إدراكه وتمييزه، وإنما تثبت الأهلية لهما لثبوت أصل الأهلية بالتمييز، ولكنها لما كانت ناقصة صحت منهما بعض التصرفات، وجعلت موقوفة على إذن الولي، وبطلت بعض التصرفات وإن أجازها وليهما.
إذاً فأهلية الأداء الناقصة هي: (صلاحية الشخص لصدور بعض التصرفات منه، دون البعض الآخر، أو لصدور أفعال وتصرفات يتوقف نفاذها على رأي غيره)([40]).
البند الثالث: أهلية الأداء الكاملة:
(وهذه الأهلية تنبني على القدرة الكاملة من العقل الكامل، والبدن الكامل)([41]).
وهي تتحقق بالنسبة لتكاليف الشرع بكمال العقل للإنسان وبلوغه، سواء كان بلوغه طبيعياً أو تقديرياً، كما ثبتت بالبلوغ مع الرشد بالنسبة للمعاملات المالية.
وبتلك الأهلية يصبح الإنسان مكلفاً بالعبادات والأحكام الشرعية، صالحاً لكل أنواع الالتزام.
ولما كانت هذه الأهلية متوقفة على تحقيق العقل، وهو من الأمور الخفية التي تخفى على الناس، وينمو بنمو الأجسام، وهو مختلف بين بني البشر، فقد جعل البلوغ دليلاً على كمال العقل في الإنسان، لأنه موضع يتوقع فيه حصول العقل للمرء، وأحكام الشرع ترتبط بعلل ظاهرة منضبطة.
وعلى هذا تكون الأهلية الكاملة بكمال عقل الإنسان وبدنه([42]).
إذاً فأهلية الأداء الكاملة هي:
(صلاحية الشخص لصدور التصرفات منه، على وجه يعتد به شرعاً، وعدم توقفها على رأى أحد غيره)([43]).
المبحث الثالث
عوارض الأهليــــــــــة
المطلب الأول: معنى العوارض:
الفرع الأول: معنى العوارض في اللغة:
العارض: هو المانع أو الحائل، ومعنى اعترض الشيء: صار عارضاً، واعترض دونه:حال، واعترض له: أي منعه.
والعارض أيضاً ما اعترض في الأفق، فسده من سحاب، أو نحل، أو جراد، أو نحو ذلك، ومنه قوله تعالى عن قوم عاد: )هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا(([44]).
والآفة تعرض في الشيء أي تحول وتمنع، ويقال: سرت فعرض لي في السبيل عارض من جبل ونحوه([45]).
فالعوارض جمع مفرده عارضة، وهى وصف لموصوف محذوف، يقدر بالخصلة أو الآفة، يقال: عرض له أمر بدا له ما صده عن مقصده وحال بينه، ويسمي السحاب بالعارض لمنعه أثر الشمس وشعاعها، ومن ذلك المعارضة، لأن كل واحد من الأدلة يعارض الآخر ويقابله فلا يتأتى معه إثبات الحكم([46]).
الفرع الثاني: معنى العوارض في الاصطلاح:
العوارض في اصطلاح الأصوليين:
هي أحوال تطرأ على الإنسان المكلف في أهليته، دون أن تكون ملازمة له.
وأطلق عليها لفظ العوارض، لأنها ليست صفات ذاتية، بل هي عارضة، كالبياض مع الثلج فإنه من عوارضه، وعلى ذلك فإن الخصال صفات عرضية، قابلة للزوال ينتفي فيها اللزوم، ويتحتم فيها التأثير في تغيير الأحكام، وبذلك تخرج العوارض التي لا تأثير لها، كالشيخوخة والكهولة، ونحوهما.
وسميت هذه الأمور التي لها تأثير في تغيير الأحكام عوارض، لمنعها الأحكام التي تتعلق بأهلية الوجوب، وأهلية الأداء عن الثبوت([47]).
فإن التغيير هو وجه المناسبة بين المعنى اللغوي، والاصطلاحي.
المبحث الرابع
تأثير العوارض
المطلب الأول: تمهيد:
جميع ما تقدم في الأهلية هو بناء على الحالة الطبيعية التي يكون فيها الشخص سليماً، غير أنه قد يطرأ على الأشخاص عوارض، وهذه العوارض ذات تأثير على أهلية الإنسان، فهي مزيلة أحياناً لأهلية الوجوب والأداء، وأحياناً أخرى لا تزيل أهلية الوجوب، ولا الأداء.
فهي مزيلة لأهلية الوجوب، كما في الموت إذ إن الموت عجز تام، مناف لأهلية أحكام الدنيا، من كل ما فيه تكليف.
وهذه العوارض تزيل أحياناً أهلية الأداء كحالتي النوم، والإغماء، فإن النائم والمغمى عليه عاجزان عن استعمال قدرتهما الحسية لعدم مقدرتهما على استعمال حواسهما، وهما عاجزان أيضاً عن أداء الأفعال الاختيارية، كالقيام والقعود وغيرهما.
وأحياناً أخرى لا تزيل هذه العوارض أهلية الوجوب، ولا الأداء، ولكنها تغير بعض الأحكام مع بقائهما – أي أهلية الوجوب والأداء – كما في حالتي السفر، والجهل في دار الحرب([48]).
المطلب الثاني: أقسام العوارض وتأثيرها.
أولا: العوارض السماوية وهي: (ما يثبت من قبل صاحب الشرع بدون اختيار للشخص فيه)([49]).
والعوارض السماوية – أحد عشر عارضاً.
"الصغر، الجنون، العته، النسيان، النوم، الإغماء، الرق، المرض، الحيض، النفاس، والموت"([50]).
· تأثير عارض الصغر: مرحلة ما قبل التمييز:
يمكن تحديدها بأنها تبدأ من حين مولده إلى أن يقارب سن السابعة، وفي هذه المرحلة تسقط عنه العبادات، ولا يصح تكليفه لفقده للعقل والتمييز معاً([51]).
ولكن يؤاخذ بضمان الأفعال في المتلفات، فلو أتلف مال غيره ضمن، أما أقواله، فلا تعتبر شرعاً، لعدم تعقل المعاني، وعلى هذا فلا تصح عقوده، ولا إقراراته، وإن أجازها وليه.
ومعنى هذا أن الصغير في هذه الحالة كالمجنون بل هو أدنى منه، لأن المجنون قد يميز وإن فقد العقل، أما الصغير ففاقد للعقل والتمييز معاً.
المرحلة الثانية وهي مرحلة التمييز: ففي هذه المرحلة يرقى الطفل وتبدو فيه آثار العقل، فيصبح صاحب أهلية، وكان ينبغي أن يثبت في حقه وجوب الأداء بحسب وجود الأهلية، لكن الشارع اعتبر صغره عذراً، لأن الأهلية التي نالها أهلية ناقصة، لقصور عقله بسبب بقاء صغره، وعدم بلوغ عقله غاية الاعتدال
· تأثير عارض الجنون: فإن الجنون الأصلي الممتد يسقط التكاليف اتفاقاً، وهو مزيل لأهلية الأداء بنوعيها، فلا يجب عليه شيء من العبادات، ولا يصح منه أي تصرف من التصرفات، ولكنه لا ينافي أهلية الوجوب، فيرث، ويملك لبقاء ذمته. والعارضي غير الممتد لا يسقطها اتفاقاً.
واختلف في العارضي الممتد والأصلي غير الممتد على أقوال([52]).
· تأثير عارض العته: حكم المعتوه كالصبي المميز في جميع ما ذكر له، وهو اختيار عامة المتأخرين من الحنفية بمعنى أن له أهليه أداء قاصرة([53]).
تأثير عارض النسيان: إذا قلنا أن النسيان لا يمنع أهلية الوجوب، ولا أهلية الأداء ففي ماذا يؤثر ؟
لا يصح أن يعتبر النسيان عذراً في حقوق العباد، فكل تصرف يصدر من الشخص من بيع وشراء ورهن وإجارة …. إِلخ، وتترتب عليه الآثار الشرعية لا يصح الاعتذار بأنه كان ناسياً غافلاً. لأن فتح هذا الباب يؤدي إلى ضياع حقوق الناس وتعرض تصرفاتهم للعبث والاضطراب. أما في حقوق الله تعالى: فالنسيان يكون فيها عذراً عند عدم التقصير من الشخص
· تأثير عارض النوم: فإن ما يصدر عن النائم من عبارات فيما يعتبر فيه الاختيار، يعتبر باطلاً مثل البيع، والشراء، والردة، والإسلام، والعتاق، والطلاق، لفقد النائم للاختيار والإرادة، وقد رفع القلم عن ثلاثة، منهم النائم، ولهذا فإن النائم لا يسأل عن أفعاله، ولا عن تصرفاته، إلا ما كان من باب الإتلاف لمال الغير، أو الاعتداء عليه، فيلزمه الضمان في ماله لتعلق حق الغير به، ورفع الضرر عنه، فانقلاب نائم على غيره انقلاباً يؤدي إلى قتله يلزمه بالدية، كالقتل الخطأ، ولا يلزمه القصاص لانعدام الإرادة والقصد لدى النائم([54]).
· تأثير عارض الإغماء: عارض يمنع فهم الخطاب حال وقوعه، ولا يمنع أهلية الوجوب، لأن الأهلية تبقى ببقاء الحياة ولكنه يفقد أهلية الأداء عند الوقوع، فلا يطالب بالتكاليف كلها حال غيبوبته، فلا تلزمه الصلاة، ولا الصيام، وإن لزمه ذلك بعد زوالها، ولهذا فهو عارض مؤخر لأحكام الأهلية.
· تأثير عارض المرض: هذا والمرض لا ينافي أهليتي الوجوب والأداء، سواء كانت هذه الأهلية مما يتعلق بحقوق الله تعالى، أو حقوق العباد، لأنه لا يزيل قدرة المرء الظاهرة، ولا الباطنة، ولا يترتب عليه فساد في الذمة، أو العقل، أو النطق , وإذا اتصل المرض بالوفاة، كان عارضاً تتغير به بعض الأحكام، فلا تصح هبته، ولا تبرعه إلا في حدود الثلث([55]).
· تأثير عارض الحيض والنفاس متعلق بالحقوق والواجبات الدينية ولا يؤثر في المعاملات
· تأثير عارض الموت على الأحكام الدنيوية: وأحكام الدنيا أربعة أقسام أيضاً:
1- ما كان من باب التكليف:
وهذا يسقط عن الميت بمجرد موته، ولا يبقى عليه إلا إثم ما قصر فيه لأن الإثم من أحكام الآخرة([56]).
2- ما كان مشروعاً لحاجة غير الميت.
وهذا القسم على نوعين، وهو:
أ. إما أن يكون حقاً متعلقاً بالعين كما في الودائع، والحاجات المرصودة، والمأجورة، والمغصوبة، والأمانات.
ب. أو يكون ديناً.
أ. فإن كان حقاً متعلقاً بالعين، فإنه يبقى ببقاء العين، لتعلق الحق فيها بذات العين لا بفعل المكلف، وحقوق العباد تتعلق بالمال.
ب. أما الدين فلا يبقى بمجرد الذمة، لأن الذمة قد ضعفت وخربت بالموت، ولكنه يبقى إذا تقوت الذمة بمال تركَهُ الميت: أو كفيل بالدين قبل الموت([57]).
3- ما وجب عليه لحاجة غيره مشروعاً بطريق الصلة.
وهذا الواجب ينتهي بالموت، لأن الموت عصف بالذمة فمنع وجوب الصلات.
ومثاله: صدقة الفطر، والزكاة، ونفقة المحارم، إلا أن يوصي فتصح وصيته، لأن الشرع أجاز ذلك فتنفذ وصيته في حدود الثلث([58]).
4- ما شرع للميت بناء على حاجته له:
فيبقى له مقدار ما يندفع به الحاجة، وذلك أن منافع البشر شرعت لإحتياجهم لها بسبب العبودية اللازمة لبني البشر الثابتة فيهم، لكونهم وجدوا بخلق الله – تعالى – وإحداثه لهم، ولا يمكن زوال هذه الصفة عنهم.
والعبودية تستلزم الحاجة، لأنها منبئة عن العجز والافتقار، ولذلك قال تعالى: )يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ(([59]).
ولهذا شرع الله – تعالى – لهم مرافق تندفع بها حاجاتهم، والموت لا ينافي الحاجة الناشئة عن العجز الدال على النقصان، فيكون الحكم أن يبقى للميت مقدار ما تنقضي به حوائجه، فافترض بقاء التركة على حكم ملك الميت حتى تؤدى منها حقوقه، وهي مؤن التجهيز والدفن، ثم قضاء الديون ثم تنفيذ الوصايا في ثلث تركته([60]).
ثانيا : العوارض المكتسبة وهي قسمان:
أولا:عوارض من المرء نفسه وهي ("الجهل، السكر، والهزل، والسفه، والخطأ، والسفر")
ثانيا: عوارض مكتسبة واقعة من غيره عليه وهو "الإكراه" فقط.
وسأتحدث عن تأثير هذه العوارض بإيجاز شديد للتنويه فقط.
· تأثير عارض السكر: مدى اختلاف العلماء في تأثير السكر على عقل الإنسان، بين الإزالة أو الستر المؤقت الذي ينتهي بإفاقة السكران، وقد أدى ذلك إلى الاختلاف في حكم تصرفات السكران.
وينبني على رأي القائلين بأن السكر هو زوال العقل، كما هو في التعريف الثالث، زوال الأهلية. إذ لا وجود لها ولا بقاء إلا بالعقل، فإذا ذهب العقل، زالت الأهلية أيضاً.
بينما يقتضي القول بالرأي الآخر، والذي قال أصحابه بستر العقل فقط دون إزالته، عدم منافاة السكر للأهلية، سواء كانت أهلية أداء أم أهلية وجوب، إذ لم ينعدم العقل ولكنه بقي مستوراً، فإذا زال الستر رجع العقل لحالته الطبيعية التي كان عليها قبل تناول السكر([61]).
· ثأثير عارض الهزل: تنقسم تصرفات الهازل حسب اختياره ورضاه، إلى ثلاثة أقسام هي:
إنشاءات – إخبارات – اعتقادات:
وما يهمنا في بحثنا هي الإنشاءات: المراد بها: التصرفات التي يترتب عليها إحداث حكم شرعي، وهي قسمان:
* قسم لا يؤثر فيه الهزل:
وذلك مثل النكاح، والطلاق، والعتاق.
* قسم يؤثر فيه الهزل لقبول الانفصال عن سببه:
مثل البيع، والإجارة، والمزارعة، والمساقاة، والرهن، والكفالة، والحوالة([62]).
· تأثير عارض السفه: السفه لا يوجب خللاً في الأهلية، ولا يمنع شيئاً من أحكام الشرع، ولا يوجب وضع الخطاب بحال، فيبقى السفيه أهلاً لمباشرة التصرفات، ومطالباً بأداء العبادات، وقد أجمع العلماء على أن الصبي إذا بلغ سفيهاً يمنع ماله، لقوله تعالى: )وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً(([63])، فإن أصبح راشداً فيسقط حينئذ منع المال عنه([64])، لقوله تعالى: )فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ(([65])، إلا الحنفية فقد أفادوا أن أَمَدَ الحجرِ ينتهي عند خمس وعشرين سنة وإن لازمه السفه بعد ذلك.
تأثير عارض الخطأ: والخطأ لا ينافي أهليتي الوجوب والأداء في حق المكلف، لأنه لا يخل بأسس الأهلية وقواعدها وهي الحياة، والعقل، والتمييز، ولذا لم يسقط عن المكلف أي واجب من الواجبات الشرعية, ففي حقوق العباد: فلا يصلح فيها عذراً. فيجب على من أتلف مال إنسان خطأ، ضمان العدوان، لأنه ضمان مال لا جزاء فعل([66]).
· تأثير عارض السفر: يؤثر في العبادات ولا يؤثر في المعاملات
· تأثير عارض الجهل: قلنا عند تعريف الجهل أنه ينقسم إلى قسمين جهل بسيط، وجهل مركب والجهل بقسميه لا ينافي أهلية المكلف، الوجوب منها والأداء. إذ أن متعلق الأهليتين هو الحياة والعقل والتمييز.
والجهل لا تأثير له على هذه المقومات للأهلية لذا لا ينافي الجهل أهلية المكلف بنوعيها.
· تأثير عارض الإكراه:
أولاً: أثر الإكراه في الأقوال:
الأقوال: منها ما يقبل الفسخ، ومنها ما لا يقبل الفسخ.
1. ما لا يقبل الفسخ من الأقوال:
إذا كان المكرَه عليه قولاً غير قابل للفسخ، ولا يتوقف على الرضا، كالطلاق، والزواج، والعتق، فإن حكمه لا يبطل بالإكراه، وينفذ إذ لا تأثير للإكراه عليه([67]).
فإن هذه التصرفات لا تحتمل الفسخ، وتتوقف على الاختيار دون الرضا، حتى لو طلق، أو تزوج، أو أعتق بالإكراه تصح، لأنها لا تبطل بالهزل.
وهذا هو قول الأحناف وقد خالفوا فيه جمهور العلماء. الذين رأوا عدم تحميل القائل تبعة قول لم يتلفظ به راضياً مختاراً، بل فرض عليه بالقوة لا يجد حيِلة في دفعه.
ورأي الجمهور هو الأرجح. فنقول بعدم تحميل القائل تبعة قول صدر منه دون رغبة أو اختيار، لأنا وجدنا في نصوص الشريعة وأقوال الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم ما يؤيد ذلك.
2. ما يقبل الفسخ من الأقوال([68]):
إذا كان المكرَه عليه قولا قابلا للفسخ ويتوقف على الرضا، فقد فرق الأحناف بين هذا القسم وسابقه وقالوا: إن التصرفات التي تقبل الفسخ وتتوقف على الرضا لا تعتبر صحيحة مع الإكراه، فعقد البيع ونحوه من العقود التي تقبل الفسخ، والإكراه يفسدها، فينعقد البيع فاسداً وقول المكرَه لاغياً.
ولكن الجمهور لم يفرقوا بين هذا القسم وسابقه، فإن جميع التصرفات الواقعة تحت تأثير الإكراه باطلة، سواء كانت عقوداً قابلة للفسخ كما في البيع، أو غير قابلة للفسخ كما في الطلاق والعتق.
([9]) تيسير التحرير: أمير بادشاه، (2/ 249)، التلويح مع التوضيح: التفتازاني، (2/ 161، 162) شرح المنار وحواشيه: ابن الملك، ص(936).
([12]) انظر كشف الأسرار: البخاري، (4/ 238، 239)، ميزان الأصول: السمرقندي، ص(742)، شرح المنار وحواشيه: ابن الملك، ص(936)، تيسير التحرير: أمير بادشاه، (2/162).
([15]) انظر: كشف الأسرار: البخاري، (4/239، 240)، شرح التوضيح للتنقيح: صدر الشريعة، (2/163)، تيسير التحرير: أمير بادشاه، (2/249، 250)، أصول التشريع الإسلامي: على حسب الله، ص(356)، مباحث الحكم عند الأصوليين: محمد سلام مدكور، ص(247).
([16]) انظر: مباحث الحكم عند الأصوليين: محمد سلام مدكور، ص(250)، أصول الفقه الإسلامي: د. بدران أبو العينين، ص(218)، أصول التشريع الإسلامي: على حسب الله، ص(357).
([17]) المؤونة: تعني تحمل الثقل، من مأن إذا احتمل وهي على وزن فعولة، يقال: مأنت القوم أمأنهم إذا احتملت مؤنتهم، ويقصد بها الضريبة التي تؤدي للمحافظة على ما تؤدى عنه من نفس ومال.
انظر: كشف الأسرار: البخاري، (4/139)، شرح المنار وحواشيه: ابن الملك، ص(890).
([18]) انظر: التلويح شرح التنقيح: صدر الشريعة، (2/163، 164)، كشف الأسرار: البخاري، (4/240)، شرح المنار وحواشيه: ابن الملك، ص(938)، أصول الفقه الإسلامي: أبو زهرة، ص(310).
([19]) انظر: كشف الأسرار: البخاري، (4/ 237)، شرح المنار وحواشيه: ابن الملك، ص(936)، التقرير والتحبير: ابن أمير الحاج، (2/165).
([20]) انظر: أساس البلاغة: الزمخشري، ص(207، 208)، المصباح المنير: الرافعي، ص(210)، لسان العرب: ابن منظور، (12/ 221).
([23]) انظر: قول ابن عباس رضي الله عنهما في: كشف الأسرار: البخاري، (4/239)، شرح المنار وحواشيه: ابن الملك، ص(936، 937)، الجامع لأحكام القرآن: القرطبي، (8/ 78، 79)، تفسير القرآن: ابن كثير، (2/ 351)، وانظر: معنى الإل في: لسان العرب: ابن منظور، (12/ 221)، معجم متن اللغة: أحمد رضا، (2/508)، المخصص: ابن سيده، (4/109).
([24]) والذمة المقصودة هنا هي الواردة في قول الرسول e: (ويسعى بذمتهم أدناهم)، انظر: لسان العرب: ابن منظور، (12/ 221، 222)، وانظر: الحديث في سنن سعيد بن أبي منصور (2/ 169).
([26]) راجع التعريفات الأخرى للذمة والردود الواردة عليها في: أصول البزدوي: البزدوي، (4/ 239) تيسير التحرير: أمير بادشاه، (2/ 249)، شرح التلويح على التوضيح: التفتازاني، (2/ 162)، التقرير والتحبير: ابن أمير الحاج، (2/ 164)، شرح المنار وحواشيه: ابن الملك، ص(937).
([27]) كشف الأسرار: البخاري، (4/ 238)، شرح المنار وحواشيه: ابن الملك، ص(936)، أصول الفقه: أبو زهرة، ص(308).
([28]) انظر: كشف الأسرار: البخاري، (4/ 237، 238)، التقرير والتحبير: ابن أمير الحاج، (2/ 164)، شرح المنار وحواشيه: ابن الملك، ص(935، 936)، الفقه الإسلامي في ثوبه الجديد: د. مصطفى الزرقا، (2/ 743، 744) مباحث الحكم عند الأصوليين: محمد سلام مدكور، ص(240).
([30]) انظر: التقرير والتحبير: ابن أمير الحاج، (2/ 165)، كشف الأسرار: البخاري، (4/ 237)، شرح المنار وحواشيه: ابن الملك، ص(369).
([32]) انظر: التحليل المبين بالأمثلة في الفرق بين الذمة وأهلية التصرف للإمام، القرافي في الفروق، (3/ 226).
([33]) انظر: كشف الأسرار: البخاري، (4/ 249) شرح المنار وحواشيه: ابن الملك، ص(940، 941)، أصول الفقه الإسلامي: د. بدران أبو العينين، ص(318)، أصول الفقه الإسلامي: أبو زهرة، ص(311).
([34]) انظر: فواتح الرحموت شرح مسلم الثبوت: ابن نظام الدين: (1/ 156)، كشف الأسرار: البخاري، (4/ 348)، شرح المنار وحواشيه: ابن الملك، ص(939، 940)، تيسير التحرير: أمير بادشاه، (2/253)، التلويح مع التوضيح: التفتازاني، (2/ 161، 164)، أصول الفقه الإسلامي: د. بدران أبو العينين.
([37]) انظر: كشف الأسرار: البخاري، (4/ 248)، التلويح مع شرح التوضيح: التفتازاني، (2/ 163، 164)، الفقه الإسلامي في ثوبه الجديد: د. الزرقا، (2/ 745)، أصول الفقه: أبو زهرة.
([39]) انظر: شرح المنار وحواشيه: ابن الملك، ص(939)، كشف الأسرار: البخاري، (4/ 248)، التلويح مع التوضيح: التفتازاني، (2/ 164)، تيسير التحرير: أمير بادشاه، (2/ 253)، فواتح الرحموت شرح مسلم الثبوت: ابن نظام الدين، (1/ 156)، التقرير والتحبير: ابن أمير الحاج، (2/ 168)، كشف الأسرار: النسفي، (2/ 466)، شرح نور الأنوار: ميلاجيون، (2/ 466)، مطبوع مع كشف الأسرار للنسفي.
([40]) أصول الفقه الإسلامي: د. بدران أبو العينين، ص(319)، أصول التشريع الإسلامي: على حسب الله، ص(357).
([41]) شرح المنار وحواشيه: ابن الملك، ص(939، 940)، تيسير التحرير: أمير بادشاه، (2/ 253)، فواتح الرحموت شرح مسلم الثبوت: ابن نظام الدين، (1/ 156)، كشف الأسرار: البخاري، (4/ 348)، التقرير والتحبير: ابن أمير الحاج، (2/ 168)، التلويح مع التوضيح: التفتازاني، (2/ 164)، كشف الأسرار: النسفي، (2/ 466)، شرح نور الأنوار: ميلاجيون، (2/ 466).
([42]) شرح المنار وحواشيه: ابن الملك، ص(939، 940)، تيسير التحرير: أمير بادشاه، (2/ 253)، فواتح الرحموت شرح مسلم الثبوت: ابن نظام الدين، (1/ 156)، كشف الأسرار: النسفي، (2/ 466)، شرح نور الأنوار: ميلاجيون، (2/ 466).
([46]) انظر: لسان العرب: ابن منظور، (9/ 30)، الصحاح: الجوهري، (3/ 1083)، كشف الأسرار: البخاري، (4/ 262)، شرح التلويح على التوضيح: التفتازاني، (2/ 167)، شرح المنار وحواشيه: ابن الملك، ص(943).
([47]) كشف الأسرار: البخاري، (4/ 262)، وانظر: التقرير والتحبير: ابن أمير الحاج، (2/ 172)، شرح المنار وحواشيه: ابن الملك، ص(943).
([48]) انظر: شرح التلويح على التوضيح: التفتازاني، (2/ 167)، التقرير والتحبير: ابن أمير الحاج، (2/ 172)، كشف الأسرار: البخاري، (4/ 262)، تيسير التحرير: أمير بادشاه، (2/ 258)، شرح المنار وحواشيه: ابن الملك، ص(943، 944).
([50]) انظر: فواتح الرحموت شرح مسلم الثبوت: ابن نظام الدين، (1/ 160)، كشف الأسرار: البخاري، (4/ 262)، شرح المنار وحواشيه: ابن الملك، ص(943)، التلويح مع التوضيح: التفتازاني، (2، 167)، التقرير والتحبير: ابن أمير الحاج، (2/ 172)، كشف الأسرار: النسفي، (2/ 447)، شرح نور الأنوار: ميلاجيون، (2/ 477).
([51]) انظر: فواتح الرحموت شرح مسلم الثبوت: ابن نظام الدين، (1/ 170)، كشف الأسرار: البخاري، (4/ 271)، التوضيح شرح التنقيح: صدر الشريعة، (2/ 168)، تيسير التحرير: أمير بادشاه، (2/ 259)، التقرير والتحبير: ابن أمير الحاج،(2/172)، شرح المنار وحواشيه: ابن الملك، ص(945).
([52]) راجع تفصيل أنواع الجنون وأحكام كل نوع في: التقرير والتحبير: ابن أمير الحاج، (2/ 173)، تيسير التحرير: أمير بادشاه، (2/ 259)، كشف الأسرار: البخاري، (4/ 263)، التلويح شرح التوضيح: التفتازاني، (2/ 167)، شرح المنار وحواشيه: ابن الملك، ص(947، 948)، فواتح الرحموت شرح مسلم الثبوت: ابن نظام الدين، (1/ 170).
([53]) انظر: التلويح مع التوضيح: التفتازاني، (2/ 168)، شرح المنار وحواشيه: ابن الملك، ص(950)، كشف الأسرار: البخاري، (4/ 274)، التقرير والتحبير: ابن أمير الحاج، (2/ 176)، تيسير التحرير: أمير بادشاه، (2/ 263)، فواتح الرحموت شرح مسلم الثبوت: ابن نظام الدين، (2/ 170).
([54]) انظر: كشف الأسرار: البخاري، (4/ 287)، التقرير والتحبير: ابن أمير الحاج، (2/ 178)، تيسير التحرير: أمير بادشاه، (2/ 169)، شرح المنار وحواشيه: ابن الملك، ص(952)، فواتح الرحموت شرح مسلم الثبوت: ابن نظام الدين، (1/ 171).
([55]) انظر: كشف الأسرار: البخاري، (4/ 307، 308)، تيسير التحرير: أمير بادشاه، (2/ 278)، التقرير والتحبير: ابن أمير الحاج، (2/ 186، 187)، شرح المنار وحواشيه: ابن الملك، ص(961، 962)، التوضيح شرح التنقيح: صدر الشريعة، (2/ 177)، بلغة السالك لأقرب المسالك إلى مذهب الإمام مالك: الصاوي، (1/ 121) وما بعدها، شرح الرحبية في علم المواريث: ابن بدران الدمشقي، ص(12-15).
([56]) انظر: فواتح الرحموت شرح مسلم الثبوت: ابن نظام الدين، (1/ 176)، كشف الأسرار: البخاري، (4/ 176)، التلويح مع التوضيح: التفتازاني، (2/ 178)، تيسير التحرير: أمير بادشاه، (2/ 281)، التقرير والتحبير: ابن أمير الحاج، (2/ 189).
([57]) انظر: شرح المنار وحواشيه: ابن الملك، ص(965، 966)، بلغة السالك لأقرب المسالك: الصاوي: (2/ 443، 444)، التقرير والتحبير: ابن أمير الحاج، (2/ 189).
([58]) انظر: كشف الأسرار: البخاري، (4/ 317)، شرح المنار وحواشيه: ابن الملك، ص(967، 968)، تيسير التحرير: أمير بادشاه، (2/ 284)، التقرير والتحبير: ابن أمير الحاج، (2/ 190)، التوضيح شرح التنقيح: صدر الشريعة، (2/ 178).
([60]) انظر: كشف الأسرار: البخاري، (4/ 317، 318)، شرح المنار وحواشيه: ابن الملك، ص(968)، التوضيح شرح التنقيح: صدر الشريعة، (2/ 178)، التقرير والتحبير: ابن أمير الحاج، (2/ 190)، تيسير التحرير: أمير بادشاه، (2/ 284).
([62]) انظر: التلويح شرح التوضيح: التفتازاني، (2/ 187)، التقرير والتحبير: ابن أمير الحاج، (2/ 194)، تيسير التحرير:أمير بادشاه، (2/ 290)، فواتح الرحموت شرح مسلم الثبوت: ابن نظام الدين، (1/ 162، 163).
([64]) انظر: كشف الأسرار: البخاري، (4/ 369)، التوضيح شرح التنقيح: صدر الشريعة، (2/ 191)، شرح المنار وحواشيه: ابن الملك، ص(988، 989).
([66]) وهذا الكلام ليس على إطلاقه بل هناك مسائل وفروع اختلف فيها.
انظر: كشف الأسرار: البخاري، (4/ 381)، التوضيح شرح التنقيح: صدر الشريعة، (2/ 195)، التقرير والتحبير: ابن أمير الحاج، (2/ 205).
تعليقات
إرسال تعليق
علق هنا...