اليوم المقدس



تقديس الأيام في الأديان

رغم اختلاف الأديان في جوهرها إلا أننا نرى أنها تلتقي في بعض الفروع البسيطة , مثل تقديس الوقت ,
 وذلك على  الرغم من اختلافهم في تحديد اليوم المقدس بالتحديد .

سنعرض فيما يلي بعض الأيام المقدسة في الديانات وسبب تقديسها.


"خير يوم طلعت فيه الشمس"


المسلمون والجمعة

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ ، وَفِيهِ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ ، وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْهَا ) . رواه مسلم .
فتضمن هذا الحديث بعض الأسباب التي فُضِّل بسببها يوم الجمعة .
قال النووي :
قَالَ الْقَاضِي عِيَاض : الظَّاهِر أَنَّ هَذِهِ الْفَضَائِل الْمَعْدُودَة لَيْسَتْ لِذِكْرِ فَضِيلَته لأَنَّ إِخْرَاج آدَم وَقِيَام السَّاعَة لا يُعَدّ فَضِيلَة وَإِنَّمَا هُوَ بَيَان لِمَا وَقَعَ فِيهِ مِنْ الأُمُور الْعِظَام وَمَا سَيَقَعُ , لِيَتَأَهَّب الْعَبْد فِيهِ بِالأَعْمَالِ الصَّالِحَة لِنَيْلِ رَحْمَة اللَّه وَدَفْع نِقْمَته , هَذَا كَلام الْقَاضِي . وَقَالَ أَبُو بَكْر بْن الْعَرَبِيّ فِي كِتَابه الأَحْوَذِيّ فِي شَرْح التِّرْمِذِيّ : الْجَمِيع مِنْ الْفَضَائِل , وَخُرُوج آدَم مِنْ الْجَنَّة هُوَ سَبَب وُجُود الذُّرِّيَّة وَهَذَا النَّسْل الْعَظِيم وَوُجُود الرُّسُل وَالْأَنْبِيَاء وَالصَّالِحِينَ وَالأَوْلِيَاء , وَلَمْ يَخْرُج مِنْهَا طَرْدًا بَلْ لِقَضَاءِ أَوْطَار ثُمَّ يَعُود إِلَيْهَا . وَأَمَّا قِيَام السَّاعَة فَسَبَب لِتَعْجِيلِ جَزَاء الأَنْبِيَاء وَالصِّدِّيقِينَ وَالأَوْلِيَاء وَغَيْرهمْ , وَإِظْهَار كَرَامَتهمْ وَشَرَفهمْ , وَفِي هَذَا الْحَدِيث فَضِيلَة يَوْم الْجُمُعَة وَمَزِيَّته عَلَى سَائِر الأَيَّام اهـ .
وعَنْ أَبِي لُبَابَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُنْذِرِ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ سَيِّدُ الأَيَّامِ ، وَأَعْظَمُهَا عِنْدَ اللَّهِ ، وَهُوَ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ يَوْمِ الأَضْحَى وَيَوْمِ الْفِطْرِ ، فِيهِ خَمْسُ خِلالٍ : خَلَقَ اللَّهُ فِيهِ آدَمَ ، وَأَهْبَطَ اللَّهُ فِيهِ آدَمَ إِلَى الأَرْضِ ، وَفِيهِ تَوَفَّى اللَّهُ آدَمَ ، وَفِيهِ سَاعَةٌ لا يَسْأَلُ اللَّهَ فِيهَا الْعَبْدُ شَيْئًا إِلا أَعْطَاهُ ، مَا لَمْ يَسْأَلْ حَرَامًا ، وَفِيهِ تَقُومُ السَّاعَةُ ، مَا مِنْ مَلَكٍ مُقَرَّبٍ وَلا سَمَاءٍ وَلا أَرْضٍ وَلا رِيَاحٍ وَلا جِبَالٍ وَلا بَحْرٍ إِلا وَهُنَّ يُشْفِقْنَ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ ) . رواه ابن ماجه (1084) . وحسَّنه الشيخ الألباني في صحيح الجامع رقم (2279) .

"أمرك إلهك أن تحفظ يوم السبت"

سبت اليهود

يعتبر يوم السبت من الأيام المقدسة عند اليهود، وترجع أسباب تقديسه عندهم الى عوامل عدة، منها أن الوصية الرابعة من الوصايا العشر دعت إلى تقديس يوم السبت واتخاذه يوماً للراحة والعبادة وعدم ممارسة أي عمل فيه "لأن الرب في ستة أيام خلق السموات والأرض والبحر وجميع ما فيها وفي اليوم السابع استراح، ولذلك "بارك الرب يوم السبت وقدسه" سفر الخروج.
كما يأتي تقديس يوم السبت أيضاً من خروج اليهود من مصر في يوم السبت في شهر أبيب، وفي سفر "التثنية" واذكر أنك كنت عبداً في أرض مصر فأخرجك الرب إلهك من هناك بيد قديرة وذراع مبسوطة، ولذلك أمرك إلهك أن تحفظ يوم السبت.
وهنا يظهر أن سبب تقديس يوم السبت في سفر "الخروج" هو أن الله استراح فيه بعد خلق العالم، أما في سفر "التثنية" فيرجع التقديس إلى أسباب تتعلق بالشعب اليهودي، هذا كما أن الله سبحانه وتعالى كلم سيدنا موسى على جبل سيناء في يوم السبت وإن كان الحوار بين موسى وربه استمر أربعين يوماً، حسب نصوص التوراه، حيث سلمه الألواح وبها الوصايا العشر.
"وكلم الرب موسى قائلا: وأنت فكلم بني إسرائيل، وقل لهم: سبوتي فاحفظوها لأنها علامة بيني وبينكم مدى أجيالكم لتعلموا أني أنا الرب مقدسكم" الخروج.

"يوم الشمس"

النصارى والأحد

يكتسي الأحد منذ بداية المسيحية أهمية خاصة بالنسبة للمؤمنين إذ يسوع نفسه هو الذي اعطاه هذه الاهمية بقيامته يوم الاحد واتمام ظهوراته جميعها يوم الأحد للتأكيد على ذلك. فظهر في اول ايام الاسبوع على مريم المجدلية وفي اليوم نفسه على التلاميذ في عماوس وعلى بطرس (مراجعة لوقا 24، 13 – 35) كما وتراءى على التلاميذ المجتمعين في العلية ينقصهم توما في ظهيرة اليوم الأول من الاسبوع ليتراءى لهم من جديد بعد ثمانية ايام بحضور توما. حرص الرب إذاً على ان يظهر للتلاميذ يوم الاحد لجعله اليوم الاساس بالنسبة للمسيحيين (مراجعة لوقا 24، 36 – 43 ويوحنا 20، 19 – 20 و26 – 29).
وتظهر اهمية يوم الاحد ايضاً في رسائل القديس بولس واعمال الرسل. فعندما كان بولس في ترواسيهم الى التوجه الى اورشليم، دعا الجماعة الى الالتقاء "أول ايام الاسبوع لكسر الخبز" كما طلب من مسيحيي كورنتوسجعل اول ايام الاسبوع اي الاحد يوماً خاصاً يتم خلاله من بين جملة امور جمع المساعدات لمسيحيي اورشليم (مراجعة الرسالة الى اهل كورنتوس 16، 2) وهو كتب ذلك في سن الخامسة والخمسين اي ان ذكرى المسيح القائم من بين الاموات كانت لا تزال راسخة في ذهنه علماً ان الاحد اصبح منذ ذلك الحين تقليداً رسولياً

وحافظ الاحد عبر التاريخ على قيمته الاساسية. ففي أولى فترات الكنيسة، اعتبره آباء الكنيسة يوماً جوهرياً واساسياً. فيقول القديس جوستين: "في اليوم المُسمى "يوم الشمس" (أي الاحد) يجتمع جميع مسيحيي الجبل والمدينة." "يلتقوا في كلّ يومٍ من ايام الرب". وأشارالقديس اغناطيوسالانطاكي الى ان" المسيحيين لا يحتفلون بيوم السبت إنما بيوم الاحد ولذلك نحتفل فيه بفرح لأنه اليوم الذي قام فيه يسوع من بين الاموات قبل ان يصعد الى السماء". وتؤكد هذه الاقتباسات المختارة من جملة اقتباسات اخرى الى ان هناك تأكيدٌ ثابت على اهمية الممارسة المسيحية يوم الاحد وذلك منذ بدء تاريخنا.

تعليقات