قضايا الأعيان




إعداد: أ.معتز السرطاوي

قضايا الأعيان

أولا: معنى قضايا الأعيان: واقعة العين أي: الحادثة والنازلة المختصة بمعين، أو قضية العين؛ أي: الحكومة في تلك الواقعة المختصة بمعين، فهذه لا تعم.

ثانيا : ضوابط اعتبار الواقعة عين:
وضوابط الحكم على خبر بكونه واقعة عين لا عموم لها:
الأول: التنصيص على الخصوصية والتصريح بها، كحديث البراء السابق في الأضحية بالحذع من المعز.
الثاني: التصريح باسم من يختص به الحكم، كخبر شهادة خزيمة .
الثالث: التصريح بنفي الحكم عما سوى المعين.

ثالثا: أمثلة على قضايا الأعيان
1-    ففى خبر تضحية البراء رضي الله عنه بالجذع من المعز، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال له: (ضح بها ولا تصلح لغيرك)[1] فهذا نص صريح يفيد أن هذه واقعة عين لا عموم لها،

2-    ونحوه خبر شهادة خزيمة وأنها تعدل شهادة رجلين[2]، فإن الأصل فيه أنه واقعة عين لا عموم لها، فيختص بشخصه إلا بدليل ولا دليل.

3-    ونظيره حديث ابن أم مكتوم الأعمى السابق في العذر عن حضور الجماعة، وهو خاص به؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم إنما لم يرخص له لعلمه بجلده، وقدرته على شهودها، فلم يرد حرمانه من الأجر، فإنه كان يستعمله على المدينة، وشهد القادسية وهي أشد، والعذر في ترك شهودها الثابت بنص الكتاب أظهر منه في شهود الجماعة، لاترى أنه عليه السلام رخص لعتبان بن مالك الأعمى في الصلاة بمسجد داره، وترك الجماعة، مع أن ما ذكره من العذر من جنس عذر ابن أم مكتوم ولا فرق.

4-     حديث رضاعة الكبير: أبت سائر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أن يُدخلن عليهن أحداً بتلك الرضاعة وقلن لعائشة والله ما نرى هذا إلا رخصة أرخصها رسول الله صلى الله عليه وسلم لسالم خاصة

5-     ويقول بعض العلماء عن الصلاة في بني قريظة: إنها من قضايا الأعيان، ولن تتكرر، ولذا سكت النبي صلى الله عليه وسلم عن الفريقين، مع أن أحد الفريقين مصيب لا كلاهما[3]،

6-    ومن أمثلتها ترديد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌ وآله ما عزا أربع مرّات في أربع مجالس  ، فيحتمل أن يكون قد وقع ذلك اتّفاقا لا أنّه شرط ، فيكفي فيه حمله على أقلّ مراتبه.
7-    وقوله عليه‌ السلام لأبي بكر : « زادك الله حرصا »  لمّا ركع ومشى حتّى دخل في الصفّ ، فيحتمل أن يكون مشيه غير كثير ، فيحمل عليه ، فلا يبقى حجّة على جواز المشي في الصلاة مطلقا. 


رابعا: واقعة الحال؛ أي: الحادثة والنازلة المختصة بحال يختص بمعين أو بأشخاص معينين، وقضية الحال: الحكم أو الحكومة في تلك الواقعة، وحكاية الحال: أعم؛ أي: توصيف الناقل لتلك الواقعة والحادثة، ونقلها كما حدثت من غير زيادة ولا نقصان، سواء قضي فيها بحكم أم لا.

خامسا: فيتحصل من ذلك أن الفرق بين واقعة الحال وواقعة العين من وجوه:
الأول: واقعة الحال أعم.
الثاني: واقعة الحال: الأصل فيها العموم في الأحوال والأنواع إلا بدليل، وواقعة العين على العكس؛ أي: إن الأصل فيها الاختصاص في الحكم بذلك المعين إلا بدليل.
الثالث: أن وقائع الأعيان نادرة، وحكايات الأحوال أكثر ورودًا.

سادسا: أمثلة على واقعة الحال
إن قصة هند في سؤالها النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن جواز أخذها من مال أبي سفيان لشحته وكونه لا يعطيها من النفقة ما يكفيها وولدها، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: (خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك).[5]

فهذا ليس واقعة عين، وإنما هو حكاية حال أو واقعة وقضية حال فلا تعم مطلقًا، ولا تختص بالشخص كواقعة العين، بل هى من الخاص النوعي، بمعنى أنه يعم في حكمه كل من كان نوع حاله كنوع حال هند.





[1] أخرجه البخاري فى الأيمان باب إذا حنث ناسيًا 6673، ومسلم فى الأضاحي باب وقتها رقم 1961

[2] خرجه الحاكم 2/18، والبيهقي 10/146، وابن أبي حاتم فى "الآحاد والمثاني" 2084، والطبراني 3730 وصححه الحاكم والذهبي.

[3] الموافقات (3/ 407).
[4] الأمثلة (6و7و8) من كتاب أنيس المجتهدين ,ج1.ص150.
[5] أخرجه البخاري فى البيوع باب من أجرى أمر الأنصار... رقم 2211،

تعليقات